ولا يفوتني – أيضا – أن أتوجه بخالص شكري وتقديري إلى كل من له فضل عليّ، من الأقارب والأباعد، سائلا الله العلي القدير أن يجازي الجميع الجزاء الأوفى.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن العلوم تشرف بشرفها، وعلم الرسم من أشرف العلوم لأنه يتعلق بالقرآن الكريم فقد حظي القرآن الكريم في تنزلاته الأولى إلى جانب حفظ القلوب بتدوين الأقلام، وأن الكتابة لم تنفك أبدا عن الحفظ بل سارت معه جنبا إلى جنب في سائر ظروف التنزيل ومختلف أطواره ومراحله على الرَّغم من قلة مواد الكتابة، وندرة وسائلها آنئذ، ثم توالت كتابة القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم في عهد عثمان بن عفانَ رضي الله عنه أيضا.
وما زال القرآن ينتقل من جيل إلى جيل بصورة وحيدة فريدة متعارفٍ عليها، تعتمد على المحفوظ في الصدور والمدون في السطور، وهذا شيء لم يتوافر لأي كتاب سماوي آخر.
وقد فطن علماؤنا الأجلاء إلى هذه الحقيقة الساطعة حين جعلوا إلى جانب الحفظ عنصر الكتابة ضابطا من ضوابط القراءة الصحيحة.
ولارتباط القراءة بخط المصاحف تتبع القراء هجاء المصاحف، وتركوا سائر القراءات التي تخالف الكتاب.
وحينئذ لاحظ علماء القراءات هيئة هذا الرسم، وخاصة تلك الحروفُ التي تميزت بزيادة أو حذف أو بدل.
ومما يزيد في أهمية معرفة هجاء المصاحف بيان معرفة اختلاف القراء في بعض الأحرف. ولن يتسنى لقارئ القرآن معرفة بعض الأحرف التي اختلف فيها القراء إلا بعد معرفة رسم هذه الأحرف. وهو باب مهمٌ في القراءة، ولذلك نجدُ الكتب المؤلفة في القراءات خصت فيها بابا لذكر مرسوم المصاحف.


الصفحة التالية
Icon