الاعتراض الثاني : من جهة التكرار – أيضا –، وذلك أن هذا البيت تكرّر بعضه [مع بعض](١)، لأن قوله :(( ونقتدي بفعله )) هو معنى قوله :(( وما رءا في جعله لمن يخط ملجأ )).
أجيب عنه : بأنه كرّره(٢)مبالغة في الاقتداء، كما تقدّم في جواب الأول.
الاعتراض الثالث : من جهة المعنى، وذلك أن السبب الذي رءا عثمان - رضي الله عنه - في فعله هذا : هو الاختلاف الواقع في القرآن(٣)بين الناس في زمانه، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يقول الناظم : ونقتدي بما رآه عثمان ؟ فنسب الاقتداء إلى السبب الذي رآه عثمان في جعل القرآن كما تقدّم، لأن ذلك السبب هو الاختلاف، فكيف نقتدي بذلك الاختلاف؟، فهذا كلام غير معقول.
أجيب عنه بأن قيل : قوله :(( في جعله ))، معناه من جعله، فتكون (( في)) بمعنى ((من)) التي للبيان، تقديره : ونقتدي بالذي رآه عثمان، وهو جعله لمن يخط ملجأ.
والصحيح عندي : أن هذا الاعتراض غير لازم ؛ لأن (( ما)) في قوله :((وما رءا)) ليست بموصولة كما زعمه المعترض، وإنما هي مصدرية، تقدّر مع الفعل بالمصدر، تقديره : ونقتدي برأيه، أي برأي عثمان في جعله ملجأ لمن يخط.
الاعتراض الرابع : من جهة التناقض، وذلك أن قوله :(( ملجأ لمن يخط )) يقتضي أنه ملجأ لمن يكتب، وظاهره قوله أولا :(( ولا يكون بعده اضطراب ))، وقوله :(( فقصّة اختلافهم شهيرة )) أنه ملجأ لمن يقرأ، لأن سبب فعل عثمان : هو الاختلاف في القراءة لا في الخطّ.
أجاب بعضهم عن هذا بأن قال(٤): أطلق الناظم الخط على القراءة مجازا، لأنه إذا خطه [فقد](٥)قرأه، أي ملجأ لمن يقرأ، فيوافق ما تقدّم من الاختلاف في القراءة
(٢) ١٠) في جـ :" بأنه تكرّر ".
(٣) في جـ :" الاختلاف في القرآن الواقع... ".
(٤) انظر التبيان، ورقة ١٣.
(٥) ساقطة من :" جـ ".