فأعملت – رضي الله عنها – اسم المصدر الذي هو القبلة، فمصدر قبل الرجل امرأته : هو التقبيل لا القبلة، وهذا المجرور الذي هو (( لمن يخط )) في الأصل نعت لملجأ، ولكن إذا قدّم نعت النكرة عليها انتصب على الحال، كقولهم :"هذا رجل مقبل"، فإذا قدّم صار حالا، فيقال :"هذا مقبلا رجل"، فقوله إذا :(( لمن يخط )) متعلق بحال من الهاء في جعله كائنا لمن يخط ملجأ، وقوله :(( ملجأ )) مفعول بالمصدر الذي هو جعله، والمفعول الأول محذوف، تقديره : جعل عثمان المصحف ملجأ، هذا إذا قلنا بإضافة المصدر إلى الفاعل الذي هو عثمان، وإذا قلنا بإضافته إلى المفعول الذي هو المصحف، فالمفعول الأول هو في جعله، تقديره : في جعل المصحف ملجئا](١). ثم قال :
[١٤] وَجَاءَ آثَارٌ فِي الاقتِدَاءِ **** بِصَحْبِةِ الْغُرِّ ذَوِي العَلاَءِ
لمّا ذكر الناظم وجوب الاقتداء بما فعل عثمان - رضي الله عنه -، أراد أن يذكر هنا الدليل على وجود ذلك، فقال :(( وجاء آثار ))، أي جاء وأتى وورد آثار، وهو جمع مفرده أثر نحو : خبر وأخبار، وبصر وأبصار، وقلم وأقلام، وقدم وأقدام.
والآثار(٢): هي الأحاديث والأخبار، لأن الأثر والحديث والخبر مترادفة على معنى واحد، على مذهب الجمهور من أرباب الحديث، وقيل : إن الأثر مخصوص بالموقوف على الصحابة، أي دون المرفوع إلى النبي - عليه السلام -.

(١) ما بين القوسين المعقوفين، مقدار اثني عشر سطرا، سقط من :" جـ "، وفيه :" بجعله، ملجأ مفعول
بالمصدر وهو جعله، يخط مضارع ".
(٢) انظر القاموس المحيط، ص ٣٠٨، " أثر ".


الصفحة التالية
Icon