وفسّره الأئمة بمالك ابن أنس - رضي الله عنه - بشّر(١)النبي - عليه السلام - في هذا الحديث قبل خلقه، ولهذا قال الشافعي - رضي الله عنه - : مالك أستاذي وعنه أخذت العلم، وهو حجّة فيما بيني وبين ربي، وما منّ علي أحد بمثل ما منّ به علي مالك، وإذا ذُكر العلماء فمالك هو النجم الثاقب(٢).
معنى الثاقب : المرتفع المستعلي. يقال : ثقب الطائر إذا ارتفع واستعلى، ومنه تسمية زحل بالثاقب، لارتفاعه واستعلائه(٣).
وقد ذُكر هاهنا نسبه وبلده ومولده وعمره.
أما نسبه : فهو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، وهو منسوب إلى بني أصبح، وهو صريح النسب، ولا يصح قول من قال مولى بني تميم بالعتق، وإنما هو مولى(٤)بالتحالف والتعاقد على عادة العرب، ومالك الذي هو جده، هو من كبار التابعين ومن كبار العلماء والفضلاء، وأبو عامر الذي هو جده الأعلى، هو من أصحاب النبي - عليه السلام - وقد شهد معه المغازي كلها، غير بدر.
وأما بلده : فهو مدينة النبي - عليه السلام - وبها ولد، وبها توفي، ولذلك يقال له إمام المدينة.
وأما مولده : فقيل ولد سنة تسعين، وقيل ولد سنة ثلاث وتسعين.
وأما عمره : فقيل تسعون سنة، وقيل أربع وتسعون سنة. وقد انتهت إليه الرحلة من الأقطار والأمصار، وبمذهبه أخذ أهل المغرب كلهم - رضي الله عنهم -.
وقوله :(( ومالك حضّ على الاتباع )) الحضّ بالضاد، هو الترغيب والتحضيض والحث والندب، أي : ومالك رغّب وحثّ على اتباع فعل الصحابة - رضي الله عنهم -. يقال :
(٢) انظر الإرشاد للخليل بن عبد الله القزيني، تحقيق محمد سعيد إدريس، ١ : ٢١٠، ط١،
مكتبة الرشد الرياض.
(٣) انظر القاموس المحيط، ص ٦١، " ثقب ".
(٤) في جـ :" مولاهم ".