وقد بيّن ابن خلدون أهميّة هذه المنظومة، ومدى انتشارها في الآفاق، حيث قال: " نظم الخراز أرجوزة زاد فيها على المقنع خلافا كثيرا عزاه لناقليه، واشتهرت بالمغرب واقتصر الناس على حفظها، وهجروا بها كتب أبي عمرو وأبي داود والشاطبي في الرسم "(١).
فقد كان المظهر الأول من مظاهر العناية بالأرجوزة روايتها وحفظها، وتدريسها في مدارس المغرب والأندلس والأزهر الشريف.
أما المظهر الثاني من مظاهر العناية بها، فقد كان في الشروح والحواشي والتعليقات التي وضعت عليها(٢).
ب- منهجه واصطلاحاته.
تحدّث الناظم في مقدّمة مورد الظمآن عن بعض مبادئ هذا الفن، وذكر أن أول من جمع الرسم القرآني هم الصحابة رضي الله عنهم، وأن اتّباعه أمر واجب، حيث قال :
وبعد فاعلم أن أصل الرسم * ثبت عن ذوي النهى والعلم
جمعه في الصحف الصديق * كما أشار عمر الفاروق
وبعده جرده الإمام * في مصحف ليقتدي الأنام
إلى أن قال :
وجاء آثار في الاقتداء * بصحبه الغرّ ذوي العلاء(٣)
ثم اعتمد على أصول في تدوين مسائل هذا الفن، وهي :
كتاب المقنع، لأبي عمرو الداني(٤).
كتاب التنزيل، لأبي داود سليمان بن نجاح(٥).
وأضاف من العقيلة الزيادات على المقنع، قال الخراز(٦):
والشاطبي جاء في العقيلة * به وزاد أحرفا قليلة
واقتبس من المنصف مسائل لم يذكرها صاحب التنزيل، حيث قال(٧):
وربما ذكرت بعض أحرف * مما تضمن كتاب المنصف
(٢) قراءة الإمام نافع عند المغاربة، ٢ : ٤٣٤.
(٣) انظر متن مورد الظمآن، ص ٣، ٤.
(٤) لعلّ الذي اعتمد عليه الخراز كتاب المقنع الكبير للداني، لكن الكتاب المطبوع والمتداول المقنع الصغير،
بتحقيق أحمد دهمان.
(٥) المطبوع والمتداول مختصر التنزيل لأبي داود بتحقيق أحمد شرشال.
(٦) انظر متن مورد الظمآن، ص ٥.
(٧) المصدر السابق، ص ٦.