وأما معنى (( من )) في قوله :(( من فاتحة الكتاب ))، فقال بعضهم(١): (( من )) هاهنا لابتداء الغاية، وانتهاء الغاية هو آخر القرآن، وقال ﴿لأنه تعرض ﴾(٢)في هذه الترجمة لما ذكر في الفاتحة من الرحمن والصراط، وجموع السلامة إلى آخر القرآن ﴿ وهذا يقتضي أن ﴾(٣)تكون (( من )) لابتداء الغاية، وهذا عندي غير صحيح، لأن كون الناظم ذكر حكم ﴿ الرَّحْمَانِ ﴾ و ﴿ الصَّرَاطَ ﴾ وجموع السلامة في هذه الترجمة من أول القرآن إلى آخره، لا يقتضي ذلك أن تكون (( من )) في قوله :(( من فاتحة الكتاب )) لابتداء الغاية، وإنما ذكر الناظم حكم ما ذكر من فاتحة الكتاب إلى آخر القرآن على ﴿ عادته من أنه ﴾(٤)يذكر اللفظ أولا، وينسحب(٥)عليه ذلك الحكم من تلك الترجمة إلى آخر القرآن، كما أشار إليه أولا في قوله في القاعدة التي أصّلها في ذلك، فقال(٦): ((وفي الذي كرّر منه أكتفي بذكر ما جاء أولا من أحرف)) والصحيح – والله أعلم – [أن](٧)(( من )) هاهنا بمعنى في، تقديره : في الحذف في فاتحة الكتاب ؛ لأن الناظم لم يترجم هاهنا إلا لما وقع في الفاتحة، كقوله في الترجمة التي بعد هذه :(( القول فيما قد أتى في البقرة ))، فالتصريح بـ (( في )) هنالك : يدلّ على أن (( من )) هاهنا بمعنى في، ولك أن تقول هي لابتداء الغاية، وانتهاء الغاية هو آخرها، تقديره : من أول فاتحة الكتاب إلى آخر فاتحة الكتاب.

(١) انظر الدرر الحسان في اختصار كتاب التبيان في شرح مورد الظمآن، لمحمد بن خليفة الصنهاجي، ورقه ٨
(٢) ما أثبت من " جـ ". لأنه في الأصل بياض.
(٣) ما أثبت من " جـ "، لأنه في الأصل بياض.
(٤) ما أثبت من " جـ "، لأنه في الأصل بياض.
(٥) في جـ، ز :" فينسحب ".
(٦) تقدم في ص ١٩٢.
(٧) ساقطة من :" جـ ".


الصفحة التالية
Icon