ثورة عمرو بن سليمان السيّاف، بيان هذه القصة : أنه لمّا قتل الشيخ محمد بن سليمان الجزولي سنة ٨٧٠ هـ، وقيل إنه مات مسموما على يد بعض الفقهاء، كان عمرو بن السيّاف أحد تلاميذه، فلما سمع بمقتله قام يطالب بثأره ممن قتله من الفقهاء فانتقم منهم، ثم أخذ يدعو إلى الصلاة، ويقاتل عليها، ولم يقف عند هذا الحدّ، بل ادّعى علم الغيب، وقاتل كلّ من ينكر عليه ذلك، وسمّي أتباعه بالمريدين، ومخالفيه بالجاحدين، واستمرت ثورته عشرين سنة، إلى أن قُتل سنة ٨٩٠ هـ، فاستراح الناس من شرّه(١).
ولقد وصف الرحالة والمؤرّخ حسن الوزان الحالة السياسة لبلاد السوس، فقال : إن سكان بلاد حاحا في حروب أهليّة لا تنقطع(٢).
ويقول عن مدينة تارودانت : بسط المرينيّون نفوذهم على سوس، واتخذوا من تارودانت مركزا لإقامة نائب السلطان في هذا الإقليم، وتخضع تارودانت لحكم الأعيان، ويتداول أربعة منهم مجتمعين السلطة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر(٣).
هذه بعض نماذج من أوصاف الحسن الوزان لبعض مدن سوس، والتي اتسمت بالفوضى والحروب القائمة بين الأهالي.
أما الحياة الفكرية، فقد شهدت تقدّما ملحوظا في هذه الفترة على الرغم من الاضطرابات والفتن التي كانت تشهدها البلاد أواخر الدولة المرينيّة.
فها هي مدينة فاس قد شهدت حركة علميّة، وازدهارا ثقافيّا كبيرا، من ذلك : كثرة بناء المدارس والمساجد فيها، التي كانت تشعّّ بالعلم والعلماء(٤).

(١) انظر : الاستقصا، ٢ : ١٢٢، المغرب عبر التاريخ، ٢ : ١٧٠، ١٧١.
(٢) انظر وصف أفريقيا للحسن بن محمد الوزان الفاسي، ترجمه عن الفرنسية : محمد حجي، محمد الأخضر،
ص ٩٥ – ٩٨، ط٢، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٨٣ م.
(٣) انظر وصف أفريقيا، ص ١١٧ – ١١٨.
(٤) انظر المغرب عبر التاريخ، ٢ : ١٣٤ – ١٣٦.


الصفحة التالية
Icon