قوله :(( وللجميع )) يعني : أن أهل الرسم كلهم جاء عنهم الحذف في ألف ﴿ الرَّحْمَانِ ﴾ حيث ما ورد في القرآن، قالوا : وهذه من الأحكام المطلقة التي أشار إليها أولا في قوله(١): (( والحكم مطلقا به إليهم )) البيت، وتقدّم لنا هنالك أن الحكم المسند إلى جميعهم كالمسند إلى بعضهم، فهو مقيّد لا مطلق كما تقدّم.
وقوله :(( في الرحمن ))، أي في ألف ﴿ الرَّحْمَانِ ﴾، فيه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مُقامه، كقوله تعالى :﴿ وَسَْلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ﴾(٢)، أي : وسئل أهل القرية وأصحاب العير.
وقوله :(( حيث أتى في جملة القرآن ))، وكذلك حيث أتى في غير القرآن إذا أتى بالألف واللام، وأما إن أتى بغير الألف واللام، فإنه ثابت ولم يأت في جميع القرآن إلا بالألف واللام، ومثال ذلك قوله تعالى في الفاتحة :﴿ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ﴾، وقوله في سورة سبحان :﴿ قُلُ ا دْعُواْ اللّهَ أَوُ ا دْعُواْ الرَّحْمَنَ ﴾(٣)، وقوله في سورة الفرقان :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ ﴾(٤)، وغير ذلك.
الإعراب : قوله :(( الحذف )) يصح أن يكون مبتدأ، ويصح أن يكون فاعلا بفعل مضمر، تقديره مبتدأ : والحذف ثابت أو مستقرّ للجميع في ألف الرحمن(٥)فيكون المجروران – أعني قوله :(( للجميع ))، وقوله :(( في الرحمن )) – متعلقين بالثبوت والاستقرار(٦)،
(٢) سورة يوسف، من الآية ٨٢.
(٣) في الآية : ١٠٩.
(٤) في الآية : ٥٩.
(٥) في جـ :" والحذف ثابت للجميع في الرحمن ".
(٦) قال ابن مالك في باب المبتدأ والخبر :" وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر".
انظر شرح ابن عقيل، ص ٢٠٩.