لأن الحمد يكون على السرّاء والضرّاء، ويكون على مقابل النعمة وعلى غير مقابل النعمة، والشكر
يكون على السرّاء دون الضرّاء، لقوله :﴿ لَن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾(١)، والشكر يكون – أيضا – على مقابل النعمة ولا يكون على غير مقابل النعمة، فتقول على هذا القول :"حمدت فلانا لعلمه أو لشجاعته"، "وحمدته على ما أوْلاني من الإحسان"، وتقول :"شكرت فلانا على ما أوْلاني من الإحسان"، ولا تقول شكرت فلانا لعلمه أو لشجاعته، وتقول :"حمدت الله [تعالى](٢)على كل حال على السرّاء والضرّاء"، وتقول :" شكرت الله تعالى على السرّاء" ولا تقول شكرت الله تعالى على الضرّاء.
وقيل : الشكر أعم من الحمد ؛ لأن الحمد لا يكون إلا بشيء واحد، وهو القول.
مثاله قوله تعالى :﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَمٌ ﴾(٣)، وقوله :﴿ وَءاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾(٤). وأما الشكر، فيكون بثلاثة أشياء : يكون بالقول وبالفعل وبالاعتقاد(٥). مثال كونه بالقول، قوله تعالى :﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾(٦)، وقوله - عليه السلام - :(( التحدث بالنعمة شكر ))(٧). ومثال كونه بالفعل،

(١) سورة إبراهيم، من الآية ٩. وفي جـ :" لقوله تعالى ".
(٢) ساقطة من :" جـ "، " ز ".
(٣) سورة النمل، من الآية ٦١.
(٤) سورة يونس، من الآية ١٠.
(٥) في جـ :" أو بالفعل أو بالاعتقاد ".
(٦) سورة الضحى، الآية ١١.
(٧) أخرجه أحمد عن النعمان بن بشير بلفظ :"التحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر
الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله والجماعة بركة والفرقة عذاب" وعن قتادة :"من شكر النعمة
إفشاؤها". مسند أحمد، ٤ : ٢٧٨، كشف الخفاء ومزيل الإلباس لإسماعيل العجلوني، تحقيق أحمد
القلاش، ١ : ٣٥٤، ط٤، مؤسسة الرسالة، بيروت.


الصفحة التالية
Icon