ومثال الحال المعنويّة :" الحمد لله على كونه عالما " و " الحمد لله على كونه قادرا ". فإن قلت : فما هذا الحمد الذي بدأ به الناظم كتابه هذا، من أقسام الحمد الستة المذكورة ؟
قلنا : هو الحمد المقيّد بإثبات وجود فعل.
وأما فائدة التقسيم [في الحمد إلى الأقسام المذكورة ففائدته](١): ليُعلم أي المحامد أفضل.
وأما أفضل المحامد، ففيه خمسة أقوال :
قيل : الحمد المطلق لعمومه ؛ لأن المطلق أعمّ من المقيّد وللأعمّ مزيّة على الأخصّ. وقيل : الحمد المقيّد لكثرته في القرآن.
وقيل أفضل المحامد :" اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك "(٢)قاله الشافعي(٣)، لأنه - عليه السلام - كثيرا ما يقوله.
وقيل أفضل المحامد :" الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافي مزيده "، حجّته أن آدم - عليه السلام - لما أهبط من الجنة، قال : يا ربّ علّمني حمدا أحمدك به يجمع لي جميع المحامد، فقال له يا آدم : قل ثلاث مرات بالغداة وثلاث مرات بالعشي :" الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافي مزيده "(٤).

(١) ما بين المعقوفين سقط من ز، وفيه :" فهي ".
(٢) نص الحديث :" اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء
عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود،
١ : ٣٥٢، حديث ٤٨٦.
(٣) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان الشافعي، أحد الأئمة الأربعة، وأعلم أهل وقته في الفقه والفتوى
ولد سنة ١٥٠هـ، وانتشر مذهبه انتشار مذهب أبي حنيفة، وله أتباع كثيرون. توفي سنة ٢٠٤ هـ.
انظر : شجرة النور، ١ : ٤٣، الفهرست للنديم، ص ٢٩١، الأعلام، ٦ : ٢٦.
(٤) ضعّف هذه الرواية ابن حجر في تلخيص التحبير، حيث قال بعد ذكره للرواية :" هذا معضل ".
انظر تلخيص التحبير لابن حجر العسقلاني، تحقيق عبد الله هاشم المدني، ٤ : ١٧١، المدينة المنورة.


الصفحة التالية
Icon