والثاني : أن التعريف بالألف واللام أقوى من التعريف بالإضافة، كما هو المعروف عند النحاة ؛ لأن الألف واللام في الحمد تقتضي العموم والشمول والإحاطة والاستغراق لجميع صور الحمد ووجوهه، إذ لا تحصى محامده جل وعلا، وفي الألف واللام – أيضا – إشارة إلى عدد الحامدين على اختلاف لغاتهم وتباعد أماكنهم وتباين خلقهم، ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ؟ ﴾(١)، فيؤجر الإنسان بحسب ذلك إذا سرت(٢)إليه النية، وانبعثت إليه الهمّة، إذ نيّة المؤمن أبلغ من عمله وأوسع من علمه.
وأما لم أضافه إلى الله دون سائر أسمائه ؟ ففي ذلك خمسة عشر قولا :
قيل : لأنه الاسم المعروف عند الملائكة قبل خلق آدم وذريّته.
وقيل : لأنه الاسم المعروف عند جميع الخلائق.
وقيل : لأنه الاسم الذي إذا ارتفع من الأرض قامة الساعة، لقوله - عليه السلام - :(( لا تقام الساعة حتى لا يقال في الأرض لا إله إلا الله ))(٣).
وقيل : لأنه اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجيب، قاله ابن حنبل(٤).
(٢) في جـ :" صارت ".
(٣) أخرجه الإمام مسلم وأحمد عن أنس، بلفظ :" لا تقام الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله ".
صحيح مسلم، باب ذهاب الإيمان آخر الزمان، ١ : ١٣١، حديث ١٤٨، المسند، ٣ : ٢٥٩، حديث ١٣٧٥٥
(٤) هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل البغدادي، الإمام الثقة، الأمين، الحافظ. ولد سنة ١٦٤ هـ، كان
من علماء أئمة الحديث، انتشر مذهبه بكثير من بلاد الشام. من مؤلفاته :"كتاب المسند"، "كتاب العلل".
توفي ببغداد سنة ٢٤١ هـ.
انظر : البداية والنهاية لابن كثير، ١٠ : ٣٢٥ – ٣٤٣، ط٤، منشورات مكتبة المعارف، بيروت، ١٩٨٢م
الفهرست، المقالة السادسة، الفن السادس، ص ٣١٤، شجرة النور الزكية، ١ : ٤٣.
وفي جـ :" الرحمن بن حنبل ".