قوله :(( بأهدى سنن ))، أي أرسل الرسل مصحوبين بأهدى سنن، فالباء هاهنا للمصاحبة، كقوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ؟ بِالْهُدَى ﴾(١)أي مصحوبا بالهدى، ومنه قوله تعالى – أيضا – :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بالْحَقّ ِ ﴾(٢)أي مصحوبا بالحق
واعترض قوله :(( بأهدى سنن )) بأن أهدى ((أفعل))، وأفعل في العربية، إنما يستعمل بين شيئين مشتركين في الوصف إلا أن أحدهما أرجح من الآخر، وهذا لا يصح هاهنا، لأن طريق الرسل لا يشاركه طريق، لأن طريق الرسل طريق تصديق وإيمان، وطريق غيرهم طريق تكذيب وكفر، ولا اشتراك بين الطريقين.
أجيب عن هذا بأن قيل :(( أفعل )) هاهنا ليس للمفاضلة، فمعنى (( أفعل )) هاهنا فاعل، كقولك :"العالم أفضل من الجاهل" و"المؤمن أفضل من الكافر"، ومنه قولهم :"العسل أحلى من الخل".
فقوله :(( بأهدى سنن ))، أي بطريق راشد، وهو من باب تقديم الصفة على الموصوف، لأن الهدى صفة للسنن.
الإعراب :(( الحمد )) مبتدأ، (( لله )) جار ومجرور متعلّق بالثبوت والاستقرار في موضع خبر المبتدأ، (( العظيم )) نعت، و (( المنن ))(٣)مضاف إليه، (( ومرسل)) عطف على (( العظيم ))، (( الرسل )) مضاف إليه، (( بأهدى )) جار ومجرور متعلق بحال محذوفة، أي مصحوبين، (( سنن )) مضاف إليه. ثم قال :
[٢] ليبلّغوا الدَّعْوَةَ لِلْعِبَادِ **** وَيُوَضِّحُوا مَهَايِعَ الإرْشَادِ
(٢) سورة البقرة، من الآية ١١٨.
(٣) في جـ :" المنن ".