فالخاتم بالفتح : هو الطابع، أي ختموا به - عليه السلام -، فهو كالخاتم والطابع لهم. وبالكسر : على أنه خَتَمَهم، أي جاء آخرهم، ومنه قوله - عليه السلام - :(( مثلي ومثل الأنبياء قبلي مثل رجل بنى دارا وأكملها وأحسنها وترك منها موضع لبنة، فصار يقول ما أحسنها لو تمت، فأنا اللبنة التي تم بها بناء الأنبياء – عليهم السلام – وكمل بها جمالهم، وأنا سيد أولاد آدم وأول الأنبياء فضلا، وآخرهم بعثا، قد ختم بي حديثهم، فلا نبيّ بعدي ولا رسول ))(١).
وانعقد الإجماع على أنه - عليه السلام - آخر الأنبياء.
فإن قلت : قد انعقد الإجماع على أن نبي الله عيسى - عليه السلام - سينزل آخر الزمان، وهو بعد النبي - عليه السلام -.
قلنا : إذا نزل يكون متبعا لشريعة محمد - عليه السلام - ولا يكون متبعا لشريعة نفسه الأولى فإنها قد نُسخت بشريعة محمد - ﷺ - (٢)، ولأجل هذا قال بعض العلماء : فإذا نزل عيسى صلى مأموما تحقيقا للاتباع، لئلا يدنس بغبار الشبهة وجهُ : لا نبيّ بعدي(٣).

(١) أخرجه البخاري باختلاف في اللفظ، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين، ٢ : ٣٨٥، حديث ٣٥٣٤،
وأخرجه مسلم، بلفظ مختلف – أيضا –، باب ذكر كونه - ﷺ - خاتم النبيين، ٤ : ١٧٩٠، حديث ٢٢٨٦
(٢) في جـ :" عليه السلام ".
(٣) قال ابن قتيبة: " لا تناقض ولا اختلاف في هذا الحديث، لأن المسيح - عليه السلام - نبي متقدّم رفعه الله تعالى
ثم ينزله في آخر الزمان عَلَماً للساعة، ولا ينسخ شيئا مما أتى به محمد - ﷺ -، بل يقدّمه ويصلي خلفه ".
انظر تأويل مختلف الحديث في الرّد على أعداء أهل الحديث، للإمام ابن قتيبة، ص ١٢٦، عالم الكتب.


الصفحة التالية
Icon