ويفيض. إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير. إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود.. ومن هنا كان رسول اللّه - ﷺ - إذا كان في الشدة قال:«أرحنا بها يا بلال» فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى صِهْرٍ لَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: يَا جَارِيَتِي، ائْتِنِي بِوَضُوءٍ لِعَلِّي أَتَوَضَّأُ فَأَسْتَرِيحَ، فَرَآنَا أَنْكَرْنَا ذَلِكَ، أَوْ فَكَأَنَّهُ رَآنَا أَنْكَرْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ:" قُمْ يَا بِلَالُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ " (١)
وعن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُحَمَّدِ بن الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى صِهْرٍ لَنَا مِنْ أَسْلَمَ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - ﷺ -، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، يَقُولُ:"أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلالُ الصَّلاةَ"، قَالَ: قُلْتُ: أَسَمِعْتَ ذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - ؟ فَغَضِبَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ يُحَدِّثُهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - بَعَثَ رَجُلا إِلَى حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - أَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي نِسَائِكُمْ بِمَا شِئْتُ، فَقَالُوا: سَمْعًا وَطَاعَةً لأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، وَبَعَثُوا رَجُلا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَقَالُوا: إِنَّ فُلانًا جَاءَنَا، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - أَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي نِسَائِكُمْ بِمَا شِئْتُ، فَإِنْ كَانَ أَمْرَكَ فَسَمْعًا وَطَاعَةً، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَأَحْبَبْنَا أَنْ نُعْلِمَكَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، وَبَعَثَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ، وَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى فُلانٍ فَاقْتُلْهُ وأَحْرِقْهُ بِالنَّارِ، فَانْتَهَى إِلَيْهِ وَقَدْ مَاتَ وَقُبِرَ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُبِشَ، ثُمَّ أَحَرَقَهُ بِالنَّارِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: تَرَانِي كَذَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - بَعْدَ هَذَا؟. (٢)

(١) - شرح مشكل الآثار - (١٤ / ١٦٧)(٥٥٤٩ ) صحيح
قال الطحاوي:"فإنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْكِرٌ، وَقَالَ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - ﷺ - أَمْرَهُ بِأَنْ يُرَاحَ مِنَ الصَّلَاةِ ؟، فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - أَمَرَ أَنْ يُرَاحَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ كَذَلِكَ، لَأَنْكَرْنَاهُ كَمَا أَنْكَرَهُ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُهُ - ﷺ - بِلَالًا أَنْ يُرِيحَهُ بِالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِهَا إِذْ كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ قُرَّةَ عَيْنِهِ، فَأَمَرَ أَنْ يُرَاحَ بِهَا مِمَّا سِوَاهَا مِمَّا لَيْسَ مَنْزِلَتُهُ كَمَنْزِلَتِهَا، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ مَعْقُولٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ - ﷺ - بِذَلِكَ، مَا هُوَ مِمَّا يُشْبِهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَفِي التَّمَسُّكِ بِهَا، وَفِي غَلَبَتِهَا عَلَى قَلْبِهِ، وَفِي أَنْ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ مِثْلُهَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ " شرح مشكل الآثار [١٤ /١٦٧]
(٢) - المعجم الكبير للطبراني [٦ /٩٥] (٦٠٩١ ) فيه ضعف


الصفحة التالية
Icon