هذا الجانب على أهميته هذه لا ينفي عموم النص مع خصوص السبب.. ولهذا روت التفاسير المأثورة، هذا المعنى وذاك:
عن مجاهد، قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله: تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث! فنزلت:"ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيبٌ مما اكتَسَبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن"، ونزلت:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ) [سورة الأحزاب: ٣٥] (١).
ورواه ابن أبي حاتم عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ:"لا نُقَاتِلُ فَنُسْتَشْهَدُ، وَلا نَقْطَعُ الْمِيرَاثَ، فَنَزَلَتْ:" وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ " ثُمَّ نَزَلَتْ " أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامَلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى " ". (٢).
عن السدي قوله:"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"، فإن الرجال قالوا:"نريد أن يكون لنا من الأجر الضعفُ على أجر النساء، كما لنا في السهام سهمان، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران". وقالت النساء:"نريد أن يكون لنا أجرٌ مثل أجر الرجال، فإنا لا نستطيع أن نقاتل، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا"! فأنزل الله تعالى الآية، وقال لهم: سلوا الله من فضله، يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم (٣)..
. وروي مثل ذلك عن قتادة.. كذلك وردت روايات أخرى بإطلاق معنى الآية:
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله:﴿ وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ قال ولا يتمنى الرجل فيقول:"ليت لو أن لي مال فلان وأهله!" فنهى الله عن ذلك، ولكن يسأل الله من فضله. وكذا قال محمد بن سيرين والحسن والضحاك وعطاء نحو ذلك وهو الظاهر من الآية " (٤).
ونجد في الأقوال الأولى ظلالا من رواسب الجاهلية في تصور ما بين الرجال والنساء من روابط كما نجد روائح للتنافس بين الرجال والنساء، لعلها قد أثارتها تلك الحريات

(١) - تفسير الطبري - مؤسسة الرسالة [٨ /٢٦١](٩٢٣٧ ) صحيح
(٢) - تفسير ابن أبي حاتم [٤ /١٣٢] ( ٥٢٦٦) صحيح
(٣) - تفسير الطبري - مؤسسة الرسالة [٨ /٢٦٤](٩٢٤٦ ) حسن مرسل
(٤) - تفسير ابن كثير - دار طيبة [٢ /٢٨٧]


الصفحة التالية
Icon