يشاء - فهو داخل في حدود المغفرة - بتوبة أو من غير توبة كما تقول بعض الروايات المأثورة الواردة - ما دام العبد يشعر باللّه ويرجو مغفرته ويستيقن أنه قادر على أن يغفر له وأن عفوه لا يقصر عن ذنبه.. وهذا منتهى الأمد في تصوير الرحمة التي لا تنفد ولا تحد والمغفرة التي لا يوصد لها باب ولا يقف عليها بوّاب! أخرج البخاري ومسلم عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَمْشِى وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ - قَالَ - فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِىَ مَعَهُ أَحَدٌ - قَالَ - فَجَعَلْتُ أَمْشِى فِى ظِلِّ الْقَمَرِ فَالْتَفَتَ فَرَآنِى فَقَالَ « مَنْ هَذَا ». قُلْتُ أَبُو ذَرٍّ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَهْ ». قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ « إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا ». قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ لِى « اجْلِسْ هَا هُنَا ». قَالَ فَأَجْلَسَنِى فِى قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ فَقَالَ لِى « اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ ». قَالَ فَانْطَلَقَ فِى الْحَرَّةِ حَتَّى لاَ أَرَاهُ فَلَبِثَ عَنِّى فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّى سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُقْبِلٌ وَهْوَ يَقُولُ « وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ». قَالَ فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ مَنْ تُكَلِّمُ فِى جَانِبِ الْحَرَّةِ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ « ذَلِكَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَرَضَ لِى فِى جَانِبِ الْحَرَّةِ، قَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ » (١)..
وأخرج ابن أبي حاتم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :"مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ لا تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً إِلا حَلَّتْ لَهَا الْمَغْفِرَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَذَّبَهَا، وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ غَفَرَ لَهَا " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " ". (٢)..
وأخرج ابن أبي حاتم عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ - ﷺ - "لا نَشُكُّ فِي قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ وَآكِلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:" إِنَّ اللَّهَ لا
(٢) - تفسير ابن أبي حاتم [٤ /١٩١]( ٥٤٦٤) حسن لغيره