بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَىِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا » (١).
فليس هو مجرد الأمر والنهي، ثم تنتهي المسألة، إنما هو الإصرار، والمقاطعة، والكف بالقوة عن الشر والفساد والمعصية والاعتداء.
وروى مسلم عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ - وَهَذَا حَدِيثُ أَبِى بَكْرٍ - قَالَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. فَقَالَ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - يَقُولُ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ». (٢).
وروى الإمام أحمد عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَوْلًى لَنَا، أَنَّهُ سَمِعَ جَدِّي، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ، حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلاَ يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ." (٣).
وعَنْ طَارِقٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ - فَقَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ. (٤)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ - وَهُوَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الأُولَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَمَى النَّبِيُّ - ﷺ - جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ ؟ قَالَ: كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ." (٥)
وتتوارد النصوص القرآنية والنبوية تترى في هذا المعنى لأن هذا التماسك في كيان الجماعة بحيث لا يقول أحد فيها - وهو يرى المنكر يقع من غيره -: وأنا مالي؟! وهذه الحمية ضد
(٢) - صحيح مسلم- المكنز - (١٨٦ )
(٣) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (٦ / ٨٢)(١٧٧٢٠) ١٧٨٧٢- صحيح لغيره
(٤) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (٦ / ٣٩٣)(١٨٨٢٨) ١٩٠٣٣- صحيح
(٥) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (٧ / ٤٠٦)(٢٢٢٠٧) ٢٢٥٦٠- حسن