شمولية الإنفاق لكل أنواع الخير
قال تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ. وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ»..
إنها الدعوة بالصفة الحبيبة إلى نفوس المؤمنين، والتي تربطهم بمن يدعوهم، والذي هم به مؤمنون:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا».. وهي الدعوة إلى الإنفاق من رزقه الذي أعطاهم إياه. فهو الذي أعطى، وهو الذي يدعو إلى الإنفاق مما أعطى:«أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ»..
وهي الدعوة إلى الفرصة التي إن أفلتت منهم فلن تعود «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ».. فهي الفرصة التي ليس بعدها - لو فوّتوها على أنفسهم - بيع تربح فيه الأموال وتنمو. وليس بعده صداقة أو شفاعة ترد عنهم عاقبة النكول والتقصير.
ويشير إلى الموضوع الذي يدعوهم إلى الإنفاق من أجله. فهو الإنفاق للجهاد. لدفع الكفر. ودفع الظلم المتمثل في هذا الكفر:«وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ».. ظلموا الحق فأنكروه. وظلموا أنفسهم فأوردوها موارد الهلاك. وظلموا الناس فصدوهم عن الهدى وفتنوهم عن الإيمان، وموهوا عليهم الطريق، وحرموهم الخير الذي لا خير مثله. خير السلم والرحمة والطمأنينة والصلاح واليقين.
إن الذين يحاربون حقيقة الإيمان أن تستقر في القلوب ويحاربون منهج الإيمان أن يستقر في الحياة ويحاربون شريعة الإيمان أن تستقر في المجتمع.. إنما هم أعدى أعداء البشرية وأظلم الظالمين لها. ومن واجب البشرية - لو رشدت - أن تطاردهم حتى يصبحوا عاجزين عن هذا الظلم الذي يزاولونه وأن ترصد لحربهم كل ما تملك من الأنفس والأموال.. وهذا هو واجب الجماعة المسلمة الذي يند بها إليه ربها ويدعوها من أجله بصفتها تلك ويناديها ذلك النداء الموحي العميق.. (١)
- - - - - - - - - - - - -