الفشل، ليعرفوا أين يتوجهون حين يستشعرون شيئا من هذا وأين يلتجئون. ومن ثم يوجههم هذا الوجه الذي لا وجه غيره للمؤمنين:«وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ»..
على وجه القصر والحصر.. على اللّه وحده فليتوكل المؤمنون. فليس لهم - إن كانوا مؤمنين - إلا هذا السند المتين.
وهكذا نجد في الآيتين الأوليين، اللتين يستحضر بهما القرآن مشهد المعركة وجوها، هذين التوجيهين الكبيرين الأساسيين في التصور الإسلامي، وفي التربية الإسلامية:«وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»..
«وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ».. نجدهما في أوانهما المناسب، وفي جوهما المناسب حيث يلقيان كل إيقاعاتهما، وكل إيحاءاتهما، في الموعد المناسب وقد تهيأت القلوب للتلقي والاستجابة والانطباع.. ويتبين - من هذين النصين التمهيديين - كيف يتولى القرآن استحياء القلوب وتوجيهها وتربيتها بالتعقيب على الأحداث، وهي ساخنة! ويتبين الفرق بين رواية القرآن للأحداث وتوجيهها، وبين سائر المصادر التي قد تروي الأحداث بتفصيل أكثر ولكنها لا تستهدف القلب البشري، والحياة البشرية، بالإحياء والاستجاشة، وبالتربية والتوجيه. كما يستهدفها القرآن الكريم، بمنهجه القويم. (١)
- - - - - - - - - - -

(١) - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص ٧٦٣]


الصفحة التالية
Icon