اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِقَضِيبٍ مَعَهُ، وَيَقُولُ:﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾[سورة الإسراء آية ٨١ ] (١)
وتدرجوا من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة جنس الحجارة. روى البخاري عن أبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىِّ قال: كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ. فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ. (٢).
وقال الكلبي: كان الرجل إذا سافر فنزل منزلا، أخذ أربعة أحجار، فنظر إلى أحسنها، فاتخذه ربا، وجعل ثلاث أثافيّ لقدره، وإذا ارتحل تركه (٣).
«وكان للعرب - شأن كل أمة مشركة في كل زمان ومكان - آلهة شتى من الملائكة والجن والكواكب. فكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات اللّه فيتخذونهم شفعاء لهم عند اللّه، ويعبدونهم، ويتوسلون بهم عند اللّه.
واتخذوا كذلك معه الجن شركاء للّه، وآمنوا بقدرتهم وتأثيرهم، وعبدوهم (٤). قال الكلبي: كانت بنو مليح من خزاعة يعبدون الجن (٥). وقال صاعد: كانت حمير تعد الشمس. وكنانة القمر. وتميم الدبران. ولخم وجذام المشتري. وطي سهيلا. وقيس الشعري العبور. وأسد عطاردا» (٦).
ويكفي أن يتصفح الإنسان هذه الصورة البدائية الغليظة من الوثنية، ليعرف أي رجس كانت تنشره في القلوب والتصورات وفي واقع الحياة! ويدرك النقلة الضخمة التي نقلها
(٢) - صحيح البخارى- المكنز - (٤٣٧٦ ) الجثوة: الكومة -المنصل: مخرج الأسنة من أماكنها
(٣) - كتاب الأصنام.( السيد رحمه الله )
(٤) - كتاب الأصنام.( السيد رحمه الله )
(٥) - كتاب الأصنام.( السيد رحمه الله )
(٦) - طبقات الأمم لصاعد.( السيد رحمه الله )