وأما بالنسبة لقصة مريم، فقد قال سبحانه خلالها: [﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ (سورة آل عمران: الآية ٤٤)]
أي: ذلك القصص الحكيم الذي قصصناه عليك يا محمد فيما يتعلق بما قالته امرأة عمران، وما قاله زكريا، وما قالته الملائكة لمريم.
ذلك كله من أخبار الغيب التي ما كنت تعلمها أنت ولا قومك، وإنما يعلمها الله وحده وأنت ما كنت حاضرا مع زكريا عليه السلام ومع الذين نافسوه في كفالة مريم، واقترعوا على ذلك فكانت كفالتها من نصيب زكريا عليه السلام، ومن الواضح أن المقصود بهذه الآية الكريمة، وما يشبهها من آيات كثيرة، إقامة الأدلة على أن هذا القرآن من عند الله تعالى، وأن ما اشتمل عليه من قصص السابقين لم يكن للرسول - ﷺ - علم به، ولم يكن أيضا لغيره علم صحيح به.
فجاء القرآن الكريم بهذه القصص، وحكاها بالحق والصدق، لتكون عبرة وعظة للناس.. قال تعالى: [﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ (سورة آل عمران: الآية ٦٢)]
وقال سبحانه: [﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ (سورة الكهف: الآية ١٣)]
وقال عز وجل: [﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ ﴾ (سورة الأعراف: الآية ٧)]
٢- وكان من أغراض القصة : بيان أن الدين كله من عند الله، من عهد نوح إلى عهد محمد - ﷺ -. وأن المؤمنين كلهم أمة واحدة، والله