فقال الإمام علي: أقل الحمل ستة أشهر، فقال السائل: ومن أين تأخذها يا أبا الحسن؟ قال: نأخذها من قوله تعالى:﴿ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً.... ﴾[الأحقاف: ١٥] وفي آية أخرى قال سبحانه:﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ... ﴾[البقرة: ٢٣٣]. (١)
يعني: أربعة وعشرين شهراً، وبطرح الأربعة والعشرين شهراً من الثلاثين يكون الناتج ستة أشهر، هي أقل مدة للحمل. وهكذا تتكاتف آيات القرآن، ويكمل بعضها بعضاً، ومن الخطأ أن نأخذ كل آية على حدة، ونفصلها عن غيرها في ذات الموضوع.
ثم يقول سبحانه: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ... ﴾ [القصص: ٧٦] والنهي هنا عن الفرح المحظور، فالفرح: انبساط النفس لأمر يسرُّ الإنسان، وفَرْق بين أمر يسرُّك؛ لأنه يُمتعك، وأمر يسرُّك لأنه ينفعك، فالمتعة غير المنفعة.
فمثلاً، مريض السكر قد يأكل المواد السكرية لأنها تُحدِث له متعة، مع أنها مضرة بالنسبة له، إذن: فالفرح ينبغي أن يكون بالشيء النافع، لأن الله تعالى لم يجعل المتعة إلا في النافع.
فحينما يقولون له } لاَ تَفْرَحْ.. { [القصص: ٧٦] أي: فرح المتعة، وإنما الفرح بالشيء النافع، ولو لم تكن فيه متعة كالذي يتناول الدواء المر الذي
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ، الْحَمْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ