وحين تحب نعيم الدنيا وتحتضنه وتتشبث به، فاعلم أن دنياك لن تمهلك، فإما أنْ تفوت هذا النعيمَ بالموت، أو يفوتك هو حين تفتقر. إذن: إن كنت عاشقاً ومُحباً للمال ولبقائه في حَوْزتك، فانقله إلى الدار الباقية، ليظل في حضنك دائماً نعيماً باقياً لا يفارقك، فسارع إذن واجعله يسبقك إلى الآخرة.
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - ﷺ - :" " مَا بَقِيَ مِنْهَا " " ؟ قَالَتْ : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَ :" " بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا " " (١).
وعَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - ﷺ - أَنَّهَا ذَبَحَتْ شَاةً فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَصَدَّقْنَا بِهَا إِلَّا كَتِفَهَا، قَالَ :" كُلُّهَا لَكُمْ إِلَّا كَتِفَهَا " (٢)
وعَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - ﷺ - وَهُوَ يَقْرَأُ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) قَالَ « يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى - قَالَ - وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ». (٣)
وعَنْ مُوَرَّقٍ الْعِجْلِيّ، قَالَ : قرَأَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - :﴿أَلْهَاكُمَ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمَ الْمَقَابِرَ﴾ قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - : لَيْسَ لَك مِنْ مَالِكِ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ. (٤)
وعَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْمَالُ الَّذِي لَا تَبِعَةَ فِيهِ لِضَيْفٍ، وَلَا غَيْرِهِ قَالَ: " نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ،

(١) - سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ ـ الْجَامِعُ الصَّحِيحُ (٢٥٠٦ ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
(٢) - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (٣٢٠٦ ) صحيح
(٣) - صحيح مسلم (٧٦٠٩ )
(٤) - مصنف ابن أبي شيبة - (١٣ / ٢٢٩) (٣٥٤٨٠) صحيح


الصفحة التالية
Icon