كَنْز صَبْرها عليْكَ وإنْظَاراً إلى سَاعةِ اليُسْر فإنْ فعلتْ كنتَ الغنيَّ وإنْ أبتْ فكل مَنُوع بعدها واسِع العُذْر فبدل أن تقترض لقضاء شهوة نفس عاجلة، فأوْلَى بك أن تصبر إلى أن تجد سعة وتيسيراً، فصبرك على نفسك أهون من صبر الناس عليك، وإنْ تسعْكَ نفسك، فلا عُذْر لأحد بعد ذلك إنْ منعك.
الثالث: صَبر على الأقدار المؤلمة التي لا تفطن أنت إلى الحكمة منها، فالأقدار ما دامتْ من حكيم، ومُجريها عليك ربٌّ، إذن لا بُدَّ أن لها حكمة فيك، فخُذ القضية القدرية مُجريها عليك، فهو سبحانه ربك، وليس عدوك، وأنت عبده وصنعته، ألم تقرأ قول الرسول في الحديث الشريف عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - :" الْخَلْقُ عِيَالُ اللهِ، فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللهِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَى عِيَالِهِ " (١).
إذن: حين تجري عليك الأقدار المؤلمة، فيكفيك للصبر عليها أنْ تعلم أنها حكمة الله، ويكفيك أن مُجريها عليك ربك، فإنْ جاءت الأقدار المؤلمة بسبب تقصيرك، فلا تلومنَّ إلا نفسك، كالطالب الذي يُهمل دروسه ويتكاسل، فيفشل في الامتحان، فالفشل نتيجة إهماله وتكاسله.
أما الذي يذاكر ويجدّ ويُبكِّر إلى الامتحان مُسْتبشراً فتصدمه سيارة مثلاً في الطريق، تمنعه من أداء امتحانه، فهذا هو القدر المؤلم الذي له حكمة، وربما داخله شيء من الغرور، وعوَّل على مذاكرته، ونسي توفيق الله له، فأراد

(١) - شعب الإيمان - (٩ / ٥٢٣) (٧٠٤٨ ) حسن لغيره


الصفحة التالية
Icon