والنبي - ﷺ - يُعلِّمنا كيف نحترم الآخرين؟ وكيف نتواضع لهم؟ فلما دخل عليه الصحابي الجليل عدي بن حاتم قام عن كرامة مجلسه له، يعني: إن كانْ جالساً على (وسادة مثلاً) يقوم عنها، ويعطيها لصاحبه ليجلس هو عليها.
وهكذا يحرص رسول الله - ﷺ - على المساواة في المجلس؛ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى النَّبِيِّ - ﷺ - فَضَنَّ النَّاسُ بِمَجَالِسِهِمْ، فَلَمْ يُوَسِّعْ لَهُ أَحَدٌ، فَرَمَاهُ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - بِبُرْدَتِهِ وَقَالَ: " اجْلِسْ عَلَيْهَا " فَأَخَذَ جَرِيرٌ فَلَقِيَهَا بِوَجْهِهِ وَنَحْرِهِ وَقَبَّلَهَا وَرَدَّهَا عَلَى ظَهْرِهِ وَقَالَ: أَكْرَمَكَ اللهُ يَا رَسُولَ اللهِ، كَمَا أَكْرَمْتَنِي. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ، ثَلَاثًا، فَإِذَا أَتَاهُ كَرِيمُ قَوْمٍ فَلْيُكْرِمْهُ " (١).
وعن عدى بن حاتم : أنه لما دخل على النبى - ﷺ - ألقى إليه وسادة فجلس على الأرض وقال أشهد أنك لا تبغى علوا فى الأرض ولا فسادا وأسلم فقال يا نبى الله لقد رأينا منك منظرا لم نره لأحد فقال نعم هذا كريم قوم فإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (العسكرى فى الأمثال، وابن عساكر) (٢)
وعجيب ما نراه مثلاً في مساجدنا، وهي بيوت الله وأَوْلَى الأماكن بهذه المساواة، فتراهم إذا دخل أحد أصحاب النفوذ يفرشون له مُصلّى ليصلي

(١) - الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ (٧٩٠٠ ) وشعب الإيمان - (١٣ / ٣٦٧)(١٠٤٨٨) حسن لغيره
(٢) - أخرجه ابن عساكر (٤٠/٧٧) و[كنز العمال ٢٥٧٦٥] وجامع الأحاديث - (٣٧ / ٢٧١)


الصفحة التالية
Icon