ِفجاء بصيغة التفضيل على الأصل، وتقول: هذا حَسَن، وذلك أحسن.
فالمعنى هنا: ﴿ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا... ﴾ [القصص: ٨٤] أي: خير يجيئه من طريقها، أو إذا عمل خيراً أعطاه الله أخير منه وأحسَن، والمراد أن الحسنة بعشر أمثالها.
والحق سبحانه يعطينا صورة توضيحية لهذه المسألة، فيقول سبحانه:﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾[البقرة: ٢٦١].
فقوله تعالى: ﴿ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ... ﴾ [القصص: ٨٤] قضية عقدية، تثبت وتُقرِّر الثواب للمطيع، والعقاب للعاصي، ومعنى ﴿ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ... ﴾ [القصص: ٨٤] أي: أتى بها حدثاً لم يكُنْ موجوداً، فحين تفعل أنت الحسنة فقد أوجدتَها بما خلق الله فيك من قدرة على الطاعة وطاقة لفعل الخير.
أو المعنى: جاء بالحسنة إلى الله أخيراً لينال ثوابها، ولا مانع أن تتجمع له هذه المجيئات كلها ليُقبل بها على الله، فيجازيه بها في الآخرة.
لكن، هل ثواب الحسنة مقصور فقط على الآخرة، أم أن الدين بقضاياه جاء لسعادة الدنيا وسعادة الآخرة؟ فما دام الدين لسعادة الدارين فللحسنة أثر أيضاً في الدنيا، لكن مجموعها يكون لك في الآخرة.
وهذه الآية جاءت بعد الحديث عن قارون، وبعد أن نصحه قومه، وجاء في نصحهم:﴿ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ... ﴾[القصص: ٧٧] إذن: فطلبهم أن يُحسن كما أحسن الله إليه جاء في مجال ذكر الحسنة، والحسنة


الصفحة التالية
Icon