اذكر وقت أن قال له قومه على جهة الوعظ والإرشاد.
لا تفرح وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن اللّه إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض.
وهذه خمسة أصول مهمة، ومن تمسك بها وعمل بمقتضاها نجا من الدنيا وما فيها.
١ - قالوا له : لا تفرح بدنياك فرحا مصحوبا بالبطر والأشر، والفتنة والغرور فالدنيا عرض زائل، وعارية مستردة يربح فيها من عرفها، ويخسر من اغتربها لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ. إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.
ب - وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ نعم فالدنيا طريق الآخرة، هي المزرعة للباقية من زرع فيها الخير حصد، ومن أضاع عمره فيما لا يرضى ربه ندم والعاقل من طلب بدنياه آخرته، ومن ابتغى فيما آتاه اللّه الدار الآخرة واللّه - سبحانه - لا يطالبك بأن تعطى مالك كله، بل إن تنفق القليل طلبا لرضا الرب الجليل، ترجع بالخير الكثير والجزاء الجزيل.
ج - وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا نعم فهذا هو الطريق الوسط والرأى الرشد، أن تعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وتعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، فليس من الدين الزهد في الدنيا حتى تتركها وتعيش عالة على غيرك، بل الدين يطالبك بالعمل والجد والغنى من طريق الحلال، فإذا جمعت المال فأعط حق اللّه فيه، ولا تنس نصيبك من الدنيا، أى : تمتع ببعضه بلا إسراف ولا تقتير، انظر إلى هذا النظام المحكم الدقيق الذي وضعه


الصفحة التالية
Icon