في ذاتها غير فاعلة، وإن بدا في الظاهر أنها هي التي يردّ إليها هذا الذي اجتمع في يديه من مال..
وأن هناك أسبابا خفية، هى التي جلبت له هذا الثراء، على غير تقدير منه.
وثالثا : قد يسند الإيتاء إلى اللّه سبحانه وتعالى للنقمة في ثوب النعمة، كما قال تعالى :« وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها » (٥٩ : الإسراء).. فالذى آتاه اللّه ثمود هنا ـ وهو الناقة ـ كان بلاء وهلاكا.
ورابعا : أن إسناد هذا الفعل للّه، إنما هو من مقولة القوم، الذين ينظرون إلى هذا المال الذي اجتمع ليد « قارون » كما ينظرون إلى كل شيء يناله الإنسان في هذه الدنيا، وهو أنه من عند اللّه.. إذ كان القوم مؤمنين باللّه، وقولهم هذا هو على ما جرت به عادة المؤمنين، من إضافة كل شىء إلى اللّه، سواء أكان خيرا أو شرّا.. أما النعم الخالصة التي يسوقها اللّه إلى المصطفين من عباده، فإنها تحمل مع هذا الفعل مسندا إلى اللّه، بإخبار منه سبحانه، كما يقول سبحانه :« وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً » « ٥٥ : الإسراء »..« وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ ». « ٨٧ : البقرة ».. أمّا « قارون » فقد أتاه اللّه هذا المال الوفير، جزاء بغيه، فكان نقمة في صورة نعمة. "
فأجابه اللّه بقوله :« أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً » هو رد على هذا الادعاء العريض الكاذب الذي يدعيه قارون.. وأنه لو كانت له قوة ذاتية، وكان له من العلم الذاتي ما جمع به هذا المال، لكان لهذه القوة وهذا العلم أن يحفظا عليه ما


الصفحة التالية
Icon