٤ - إن أصول الحضارة الإسلامية أربعة : العمل الصالح ابتغاء ثواب الآخرة، وعمارة الدنيا بإتقان دون أن تستولي على مشاعر الإنسان، والإحسان إلى الناس إحسانا ماديا ومعنويا أو خلقيا، وقمع الفساد والعصيان والخراب.
فمن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في التجبر والبغي، وألا يضيع عمره في غير العمل الصالح في دنياه إذ الآخرة هي التي يعمل لها، فنصيب الإنسان : عمره وعمله الصالح فيها، بأن يطيع اللّه ويعبده كما أنعم عليه، وألا يعمل بالمعاصي والإفساد، فإن اللّه يجازي المفسدين.
٥ - اللّه تعالى مصدر الخير والرزق، وما العبد إلا وسيلة، يجب عليه أن يعمل ويكتسب، واللّه هو الرازق الميسر له أسباب الرزق، المانح له الثراء والمال، فيكون هو المستحق للشكر على تلك النعمة.
فمن الغباء والجهل أن ينسب الإنسان الخير والفضل لنفسه ومواهبه، أو يدعي أنه الحقيق الجدير بما أعطي، أو ينخدع بأن ما أعطيه دليل على محبة اللّه ورضاه عنه، فقد يكون العطاء فتنة واستدراجا، وليس قرينة الرضا والمودة. لذا كان اغترار قارون بكثرة ماله، وادعاؤه أنه أهل له عبثا باطلا.
٦ - أهلك اللّه كثيرا من الأمم الخالية الكافرة، وهم أشد قوة من قارون، وأكثر جمعا للمال منه، ولو كان المال يدل على فضل لما أهلكهم.


الصفحة التالية
Icon