١٠ ـ كثرة المال قد توقع صاحبه في البغي والبطر، فإن المال فتنة، قال تعالى :﴿إنَّمَا أمْوَالُكُمْ وَأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ (سُوْرَة التَّغَابُن : الآية ١٥)، فيمتحن الله بهذا المال عباده. " ووجه الفتنة في المال أنه يوقع صاحبه في الشحّ والبخل، وعدم القيام بشكره بإخراج حق الله فيه، كما أن كثرة المال تسهل عليه سبل الترف والطغيان ـوبطر النعمة، فيصير من المترفين الطاغين البطرين. (١)
وهذا ما حصل فعلاً مع قارون، فقد أطغاه المال فبغى على قومه وادعى أنه حصل على هذا المال بعلمه :﴿ قَالَ إنَّمَا آوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾، وليس هذا يعني أن على المسلم أن يبتعد عن المال مخافة أن يطغيه، ولا بأس من أن يمتلك المسلم المال إذا أطاع به الله، فعن عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ، قالَ : بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -، فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ عَلَيَّ ثِيَابِي وَسِلَاحِي، ثُمَّ آتِيَهُ قَالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ، ثُمَّ طَأْطَأَ، ثُمَّ قَالَ: " يَا عَمْرُو إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَيُغْنِمُكَ اللهُ وَيُسْلِمُكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ رَغْبَةً صَالِحَةً مِنَ الْمَالِ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَمْ أُسْلِمْ رَغْبَةً فِي الْمَالِ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ لِي: " يَا عَمْرُو: نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ " (٢)

(١) - المستفاد من قصص القرآن : ١/ ٥٣٣.
(٢) - شعب الإيمان - (٢ / ٤٤٦) (١١٩٠ ) صحيح


الصفحة التالية
Icon