قال بعض المحققين قد ورد ذم الفرح فى مواضع عديدة من القرآن قال اللّه تعالى فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ
وقال وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وقال ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بغير الحق وقال حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا - ولم يرخص فى الفرح إلا في قوله تعالى فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا وقوله وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ. وعندي أن الفرح فى الدنيا بما يفيد فى الآخرة محمود مطلقا ومأمور به فى قوله تعالى فَبِذلِكَ فليفرحوا والفرح بلذّات الدنيا إن كان مقرونا بالشكر فمحمود أيضا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -، قَالَ :" " الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ " " (١)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ " (٢)
والفرح ان كان مقرونا بالطغيان والكفران فمذموم حقّا فالمدح والذم إنما يتوجه إلى ما يتعلق به الفرح أو ما معه من الشكر أو الكفران وأما نفس الفرح والسرور بدرك المرغوب فأمر طبعي لا اختيار للعبد فيه فلا يتوجه إليه التكليف غير انه إذا أحب العبد اللّه صادقا لا يفرح إلا بما يرضى به

(١) - سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ ـ الْجَامِعُ الصَّحِيحُ (٢٥٢٣ ) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ "
(٢) - صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ( ٣١٦ ) صحيح
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : شُكْرُ الطَّاعِمِ الَّذِي يَقُومُ بِإِزَاءِ أَجْرِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ : هُوَ أَنْ يَطْعَمَ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ لَا يَعْصِي بَارِيَهُ، يُقَوِّيهِ، وَيُتِمُّ شُكْرَهُ بِإتْيَانِ طَاعَاتِهِ بِجَوَارِحِهِ، لِأَنَّ الصَّائِمَ قُرِنَ بِهِ الصَّبْرُ لِصَبْرِهِ عَنِ الْمَحْظُورَاتِ، وَكَذَلِكَ قُرِنَ بِالطَّاعِمِ الشُّكْرُ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشُّكْرُ الَّذِي يَقُومُ بِإِزَاءِ ذَلِكَ الصَّبْرِ يُقَارِبُهُ أَوْ يُشَاكِلُهُ، وَهُوَ تَرْكُ الْمَحْظُورَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ


الصفحة التالية
Icon