المبحث الأول
أَغْرَاض اَلْقِصَّة في القرآن الكريم
إن الذي يتدبر القرآن الكريم، يرى جانبا كبيرا من آياته وسوره، قد اشتمل على قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وعلى قصص غيرهم من الأخيار والأشرار.
يرى ذلك بصورة أكثر تفصيلا في السور المكية، التي كان نزولها قبل الهجرة، لأنها في الأعم والأغلب اهتمت بإقامة الأدلة على وحدانية الله تعالى وعلى صدق الرسول - ﷺ - فيما يبلغه عن ربه، وعلى أن هذا القرآن من عند الله تعالى وعلى أن البعث وما يترتب عليه من ثواب أو عقاب حق وصدق.
وهذه الأدلة ساقتها السور المكية تارة عن طريق قصص الأنبياء مع أقوامهم، وتارة عن غير ذلك من الطرق الأخرى، كالنظر في ملكوت السماوات والأرض، وفي خلق الإنسان وغيره من سائر المخلوقات.
أما السور المدنية وهي التي كان نزولها بعد الهجرة، فهي في الأعم والأغلب اهتمت بعد أن رسخت العقيدة السليمة في قلوب المؤمنين، بتفصيل أحكام الشريعة العملية، كالعبادات، والمعاملات، والحدود، والعلاقات الاجتماعية، وتنظيم شئون الدولة الإسلامية داخليا وخارجيا..