ثم إن هذه النعم سينعمون بها يوم القيامة، تأتيهم من غير أن يبذلوا لها جهدا، خالصة من كل شائبة مما كان يشوبها فى الدنيا.. فلا تزهد فيها نفس من شبع، ولا تملّها عين من نظر.. « كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ».
وتخصيص المؤمنين بالذكر هنا :« قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ » إشارة إلى أن المؤمنين هم الذين يتعرفون على الطيبات من الرزق وينعمون بها، أما غير المؤمنين فلا يفرّقون بين طيب وخبيث إذ لا دين لهم يحجزهم عن الخبيث، ويحول بينهم وبينه، فالطيب والخبيث على سواء عندهم. (١)
١٦- العافية والمال وعز السلطان يصاب صاحبها بالاغترار إلا من رحم الله. (٢)
١٧- إذا خص الله عبداً بخصوصية فلا ينسبها لنفسه، أو لحوله وقوته، أو لكسبه ومجاهدته، بل يشهدها منَّةً من الله عليه، وسابق عناية منه إليه، قال سهل رضي الله عنه : ما نظر أحد إلى نفسه فأفلح، والسعيد من صرف بصره عن أفعاله وأقواله، وفتح له سبيل رؤيةِ مِنَّةِ الله عليه، في جميع الأفعال والأقوال. والشقي مَنّ زُيِّنَ له في عينه أفعالهُ وأقوالُه وأحوالُه، ولا فتِحَ له سبيلُ رؤيةِ منَّةِ الله عليه، فافتخر بها وادعاها لنفسه، فشؤمه أن يهلكه كما خسف بقارون. لَمّا ادعى لنفسه فضلاً. هـ. (٣)

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٣٩١)
(٢) - أيسر التفاسير للجزائري - (٣ / ١٨٥)
(٣) - البحر المديد ـ موافق للمطبوع - (٥ / ٤٣٩)


الصفحة التالية
Icon