عليهم، وتفريقهم شذر مذر، وقد غرّت هذه المظاهر بعض الجهال الذين لا همّ لهم إلا زخرف الحياة وزينتها، فتمنّوا أن يكون لهم مثلها، فرد عليهم من وفقهم اللّه لهدايته، بأن ما عنده من النعيم لمن اتقى خير مما أوتى قارون، ولا يناله إلا من صبر على الطاعات، واجتنب المعاصي، ثم أعقب ذلك بذكر ما آل إليه أمره من خسف الأرض به وبداره، ولم يجد معينا ينصره ويدفع العذاب عنه، وقد انقلب حال المتمنين المعجبين بحاله إلى متعجبين مما حل به، قائلين : إن اللّه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده لا لفضل منزلته عنده وكرامته لديه كما بسط لقارون ويضيّق على من يشاء، لا لهوانه عليه ولا لسخط عمله، ولو لا أن تفضل علينا فصرف عنا ما كنا نتمناه بالأمس لخسف بنا الأرض. (١).
التفسير والبيان :
قوله تعالى :« فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ.. ». أي فخرج قارون يوما على قومه في زينة عظيمة وتجمل باهر، من مراكب وملابس عليه وعلى حاشيته، بقصد التعالي على الناس، وإظهار العظمة والأبهة. قال الرازي : وليس في القرآن إلا هذا القدر (٢)، يعني أن وصف الزينة كما يذكر بعض المفسرين لا دليل عليه.
« قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » أي فلما خرج في مظاهر الأبهة كان طبيعيا أن يفتتن بعض

(١) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٠ / ٨٩)
(٢) - تفسير الرازي : ٢٥/ ١٨.


الصفحة التالية
Icon