ورضى، ما قسم اللّه له، وأن يطلب الرزق من وجوه سليمة مستقيمة، وأن يؤدى حق اللّه والعباد فيما آتاه اللّه.. ثم لا يصرفه شىء من هذا عن طلب الآخرة، والإعداد لها، وابتغاء مرضاة اللّه بالأعمال الصالحة.. فذلك هو خير مما لو اجتمعت الدنيا كلها للإنسان، ثم لم يكن له نصيب فى الآخرة..
وقوله تعالى :« وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ » أي لا يلقيّ هذه المقولة، ولا يتقبل هذه الدعوة الطيبة إلى ابتغاء ثواب اللّه ـ إلا الصابرون، الذين يصبرون على بأساء الحياة الدنيا وضرائها، ابتغاء ما يلقون من جزاء حسن في الآخرة.. فمن لم يكن من الصابرين، فإنه لا يؤدى حقا، ولا يصبر على حق، بل يستعمل كل ماله في هذه الدنيا، ويستهلكه في يومه، غير ملتفت إلى غده.. إن الطاعات تكاليف وأعباء، لا تقع موقع القبول والرضا إلا من نفوس صابرة، تغرس اليوم، لتجنى ثمار غرسها غدا "
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - :" يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: ١٧] أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ (١).
ثم ذكر تعالى عقاب قارون فقال :« فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ ». أي بعد أن اختال قارون في زينته وفخره على قومه وبغيه عليهم، زلزلنا به وبداره الأرض، فابتلعته وغاب فيها جزاء بطره وعتوه،