وحشمه وماله، إلى تلك العيون التي كانت متعلقة بهذا الموكب وما يجر وراءه، وإذا بها شاخصة في ذهول مما حدث ؟ أين قارون الذي تعلقت بأذيال موكبه أمانيّ القوم ؟ وأين كنوزه وأمواله، وقصوره ؟ لا شىء من هذا.. لقد اختفى كل شىء في لحظة خاطفة، كما يختفى السابح في الماء وقد احتوته دوامة عاتية، فغرق، وهوى إلى القاع!! أهكذا الدنيا إذن ؟ وأهكذا تصاريف القدر فيها ؟ "
« وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ » ؟ إذن، فالأمر للّه وحده، يبسط الرزق لمن يشاء، ويقدره ويقبضه عمن يشاء، بعلم، وحكمة وتدبير.. وإذن، فقد كان من فضل اللّه علينا أنه لم يستجب لأمنياتنا، ولم يؤتنا مثل ما أوتى قارون.. إنه لو فعل لكان مصيرنا كمصيره، ولخسف بنا وبدورنا الأرض، كما خسف به وبداره الأرض."
أي صار الذين رأوه في زينته وتمنوا في الماضي القريب أن يكونوا مثله يقولون : ألم تر أن اللّه يمدّ الرزق لمن يشاء من خلقه ويضيقه على من يشاء، وليس المال بدال على رضا اللّه عن صاحبه، فإن اللّه يعطي ويمنع، ويضيق ويوسّع، ويخفض ويرفع، وله الحكمة التامة والحجة البالغة فعَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَ يُعْطِي الْمَالَ مَنْ يُحِبُّ، وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ، إِلَّا مَنْ يُحِبُّ فَإِذَا أَحَبَّ عَبْدًا أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ فَمَنَ ضَنَّ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ وَهَابَ اللَّيْلَ أَنْ يُكَابِدَهُ، وَخَافَ الْعَدُوَّ أَنْ يُجَاهِدَهُ فَلْيُكْثِرْ مِنْ