٤- شتان بين نعيم الدنيا الزائل المليء بالمنغصات والمكدرات، ونعيم الآخرة الدائم الخالي من كل هم وغم، قال تعالى :﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (٩٦) سورة النحل، وقال تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ (٧٧) سورة النساء.
٥- وفيه بيان لمنهج القرآن الكريم في الترغيب والترهيب، فقد ترك هذا القرآن في النفوس ذلك الطابع الإسلامي البارز. وهو يرغب ويرهب، وينذر ويحذر ويجعل العهد عهد اللّه، ويصور النفع الذي يجره نقضه ضئيلا هزيلا، وما عند اللّه على الوفاء عظيما جزيلا :«وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا. إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ».. ويذكر بأن ما عند البشر ولو ملكه فرد فإنه زائل، وما عند اللّه باق دائم :«ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ»، ويقوي العزائم على الوفاء، والصبر لتكاليف الوفاء، ويعد الصابرين أجرا حسنا «وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» والتجاوز عما وقع منهم من عمل سيئ، ليكون الجزاء على أحسن العمل دون سواه. (١)

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٢١٩٣)


الصفحة التالية
Icon