وسائل الكيد والفتنة، ووسائل الدعاية الحديثة، لتشويه أهدافها، وتمزيق أوصالها.. يبقى هذا التوجيه القرآني حاضرا يجلو لأبصارها طبيعة هذه الدعوة، وطبيعة طريقها. وطبيعة أعدائها الراصدين لها في الطريق. ويبث في قلبها الطمأنينة لكل ما تلقاه من وعد اللّه ذاك فتعرف حين تتناوشها الذئاب بالأذى، وحين تعوي حولها بالدعاية، وحين يصيبها الابتلاء والفتنة.. أنها سائرة في الطريق، وأنها ترى معالم الطريق! ومن ثم تستبشر بالابتلاء والأذى والفتنة والادعاء الباطل عليها وإسماعها ما يكره وما يؤذي.. تستبشر بهذا كله، لأنها تستيقن منه أنها ماضية في الطريق التي وصفها اللّه لها من قبل. وتستيقن أن الصبر والتقوى هما زاد الطريق. ويبطل عندها الكيد والبلبلة ويصغر عندها الابتلاء والأذى وتمضي في طريقها الموعود، إلى الأمل المنشود. في صبر وفي تقوى. وفي عزم أكيد." (١)
" فَالصَّبْرُ وَالتَّقْوَى يَدْفَعُ شَرَّ الْعَدُوِّ الْمُظْهِرِ لِلْعَدَاوَةِ الْمُؤْذِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالْمُؤْذِينَ بِأَيْدِيهِمْ وَشَرُّ الْعَدُوِّ الْمُبْطِنُ لِلْعَدَاوَةِ. وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ وَهَذَا الَّذِي كَانَ خُلُقُ النَّبِيِّ - ﷺ - وَهَدْيُهُ هُوَ أَكْمَلُ الْأُمُورِ." (٢)
٨- جعل الله الدار الآخرة للمتواضعين، أهل الذل والإنكسار، والعاقبة المحمودة - وهي الوصول إلى الحضرة - للمتقين الشهرة والاستكبار، وفي الحكم :" ادفن نفسك في أرض الخمول ؛ فَمَا نَبَتَ مِمَّا لَمْ يُدفنْ ؛ لاَ يَتِمُّ نِتَاجُهُ ". قال في التنبيه : لا شيء أضر على المريد من الشهرة وانتشار

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (١ / ٥٤٠)
(٢) - مجموع فتاوى ابن تيمية - (٢ / ٤٠٦)


الصفحة التالية
Icon