ولمَّا رأى الحُفَّاظُ أسلافَهُم عُنُوا بها دوَّنُوها عَنْ أُولِي الفَضْلِ والبِرِّ(١)
وإنما قدم (٢) ذكر هذه الأعداد الثلاثة وأخر الثلاثة الباقية ليفيد أن مرجعها إلى سندين، أحدهما: سند المدنيين وهو إلى أبي جعفر، والثاني: سند الكوفيين في اختيارهم وهو إلى علي رضي الله عنه لأنهما رَوَيا أن رسول الله ﷺ عدَّ آيات القرآن على هذين العَدَديْن كما أشار إليه قوله:
(١) قول الناظم: ((ولما رأى الخ)) الأسلاف جمع سلف وهو كل من تقدمك من آبائك وأقربائك كذا في القاموس، والمراد هنا من تقدم من الصحابة والتابعين، وعنوا من العناية بمعنى التزموا واهتموا بها ودوَّنوها، والتدوين في الأصل جمع أسماء الجيش وأعطيتها في الدفاتر والصحف ثم استعمل في جمع العلوم ووضع قواعدها في الكتب وهو المراد هنا أي جمعوا قواعد هذا العلم وألفوا، وأولوا الفضل والبر في هذا البيت هم أهل القرآن، والمراد من الرؤية رؤية البصيرة وهي العلم لأنه علم رواية لا دراية. أنظر لوامع البدر/ مخطوط.
والمراد بحفَّاظ القرآن الذين ألفوا ووضعوا القواعد هم الذين جاءوا بعد عصر الصحابة والتابعين والمعنى كما ذكره الشارح.
(٢) قدم هذه الأعداد الثلاثة وأخر الباقية إلى آخر الديباجة لُيفيد أن مرجعها المنسوب إلى سندين أحدهما سند علي رضي الله عنه وثانيهما سند أبي جعفر وشيبة وهو بصدد إثبات الأثر الذي ورد عن رسول الله ﷺ فرواه الأعداد ا الثلاثة لمَّا التزموا نقل هذا الأثر ناسب ذكرهم أولا بخلاف الباقين وليس معنى هذا أن عدد البصري والشامي والمكي ليس بتوقيف عن رسول الله ﷺ بل الأعداد كلها ثابتة بالتوقيف ويقوي ذلك ورود كلمات في القرآن تشبه فواصله وهي متروكة اتفاقاً كما سيأتي في قوله: (وأكد أشباه) الخ.


الصفحة التالية
Icon