الثاني والعشرون: الاستغناء بالتثنية عن الإفراد (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)(١)، قال الفراء(٢): أراد جنة واحدة كقوله: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)(٣) فثنى لأجل الفاصلة قال: والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام ونظير ذلك قول الفراء(٤) أيضاً في قوله تعالى: (إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا)(٥) فإنهما رجلان قُدارُ(٦) وآخر معه ولم يقل: أشقياها للفاصلة وقد أنكر ذلك ابن قتيبة(٧) وأغلظ فيه وقال: إنما يجوز في رؤوس الآي زيادة هاء السكت أو ألف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون الله وَعَدَ بجنتين فتجعلهما جنة واحدة لآجل رؤوس الآي فمعاذ الله، وكيف هذا وهو يصفها صفات الإثنين قال: (ذَوَاتَا أَفْنَان)(٨)، ثم قال فيها فيهما وأما ابن الصائغ(٩) فإنه نقل عن الفراء أنه أراد جنات فأطلق الاثنين على الجمع لآجل الفاصلة ثم قال وهذا غير بعيد قال: وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون.
(٢) ١٩) انظر ملحق الأعلام رقم ٧٧.
(٣) سورة النازعات الآية: ٤١. تنبيه: كلمة إمام تستعمل للمفرد والجمع فيستعمل مفرد نظير كلمة كتاب وجمعاً نظير لمة رجال والاستغناء بإما) عن الجمع يكون على القول بأنه مفرد وإلا فلا يكون هناك استغناء فليعلم.
(٤) انظر ملحق الأعلام رقم ٣١.
(٥) سورة الشمس الآية: ١٢.
(٦) المراد بقدار الذي عقر الناقة، هو قُدار بن سالف وهو أُحَيْمِر ثمود انظر التسهيل لابن جزي ج٤ ص ٢٠٢.
(٧) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم قتيبة الدينوري، صاحب عيون الأخبار ومشكل القرآن وغيرهما، توفى سنة ٢٧٠هوانظر ترجمته في أنباء الرواة ٢/١٤٢.
(٨) سورة الرحمن الآية: ٤٨ وقوله (فيهما) الآية بتمامها (فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ).
(٩) تقدمت ترجمته في صفحة ٢٦٢.