تتمة: من الأدلة كون رؤوس الآيات مأخوذة عن السلف رسْمُهم نقطتين بين الآيات لتكونا علامتين على أن هذه الكلمة تمام آية وتركُهم إياهما ليُعلَم أنها ليست برأس آية، ألا ترى أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، تركوا كتابة بسم الله بين سورتي الأنفال والقتال يعني براءة لأن النبي ﷺ كان كلما نزلت عليه سورة يأمر بكتابة البسملة في أولها فلما لم يعلموا أنه عليه الصلاة والسلام هل أمر بها أو لا؟ توقفوا فيها فتركوها، فلو كانت الآيات ونحوها بالرأي والاجتهاد لمل توقفوا فيها بل يرسمونها، ورسْمُهم أيضاً لهاتين النقطتين بين الآيات مع اهتمامهم بتجريد المصاحف شاهد على ذلك واختلاف الأئمة أيضاً في وجوه الرسم دليل قاطع عليه وهذا معنى قول الشاطبي:

وَقَدْ يُنْظَمُ الشَّكْلانِ فِي العدِّ بَيْنَهَا وَقَدْ تُرِكَا(١) فَاتْلُ القِتَالَ لِكَي تَدْرِي
(١) قوله: (وقد تركا)أي اختلفوا في شكله وتركه، وقوله: (قائل القتال) في مقام التأييد بالتأكيد، والمراد بها سورة براءة كما في لوامع البدر ورقة: ٩٢ فإن البسملة لم تكتب في أولها، وكتبت في غيرها، وأما صاحب معالم اليسر فقد رأى أن المراد بها سورة محمد عليه السلام، فإنك تجد في فواصلها ما بني على الآخر وهو الميم الساكنة وما قبله وهو الهاء. مثل (بالهم، أعمالهم) فمثل هذه قد تحقق فيها الشكلان معاً. والآخر وهو الميم الساكنة وما قبله هو الهاء. ومثل (أشراطها، أمثالها) قد اعتُبر فيه المشاكلة فيما قبل الآخر فقط وهو الهاء وترك اعتبار الآخر وهو الميم الساكنة. لأنها بنيت على الألف. ومثل (أخباركم، أعمالكم) قد اعتبر فيها الآخر وهو الميم الساكنة وترك اعتبار ما قبله بوجود الكاف قبل الميم. انظر معالم اليسر/٥٧.


الصفحة التالية
Icon