"ثم منه فاضل وهو كلام الله في الله"، يعني في ذاته -جل وعلا-، "ومفضول: وهو كلامه تعالى في غيره، وتحرم قراءته بالعجمية" تحرم قراءته بالعجمية، وتحرم أيضاً ترجمته إن كانت بالإمكان، وإلا فأنا لا أتصور ترجمة حروف القرآن، هم يقولون: يجوز ترجمة معانيه، أجاز بعضهم ترجمة معانيه والخلاف بين أهل العلم قائم، وهذه فتنة ثارت قبل سبعين أو ثمانين سنة حول ترجمة معاني القرآن وردت بقوة من كثير من أهل العلم، وتساهل بعضهم وأباح وأجاز، لكن الخلاف في الحروف غير وارد، بل لا يمكن، أنا لا أتصور ترجمة حروف، أما ترجمة المعاني فممكنة وحاصلة وواقعة، ولذا من يقول: تجوز قراءة القرآن وتجزئ في الصلاة قراءته بالأعجمية كيف يترجم حروف القرآن؟ أولاً: القرآن لا تجوز روايته بالمعنى كما نص على ذلك المؤلف، وجماهير أهل العلم تجوز رواية الحديث بالمعنى، أما القرآن لا يجوز أن يتصرف فيه، لا بد أن ينقل ويقرأ.. ، يقرأ ويتلى بحروفه، والصلاة لا تصح بغير لفظ القرآن فكيف تجوز بالترجمة؟ وترجمة الحرف مستحيلة، يعني عند بعض أهل العلم يقول: لو تقول: تترجم (الله أكبر) أو تقول على مذهبهم: الله الأجل، أو الله الأعز، دو سابز وتركع، تصح صلاتك، هذا استهزاء، إيش معنى دو سابز؟ نعم، ترجمة ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [(٦٤) سورة الرحمن] أنت ترجمت آية وقرأت بما تيسر وركعت، لكن هل هي ترجمة حرفية لمدهامتان أو ترجمة لمعناها؟
طالب:.......
إذاً كأنك عبرت قبل ذلك عن مدهامتان بالعربية ثم ترجمت، فأنت قرأت بالمعنى ثم ترجمت المعنى، وهذا ممنوع من وجهين، وليس من وجه واحد، وإن تجوز بعضهم وتساهل في هذا، لكنه قول مردود.
"النوع الحادي عشر: أول ما نزل" الأصح وعليه الأكثر أن أول ما نزل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [(١) سورة العلق] أولاً: بداية التنزيل في رمضان، بداية التنزيل في رمضان، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بُعث على رأس الأربعين، ومقتضى ذلك أن تكون بعثته في ربيع، هذه الستة الأشهر التي من ربيع إلى رمضان، من ربيع إلى رمضان هذه الستة الأشهر كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرى فيها الرؤيا الصالحة، كان الوحي إليه من طريق الرؤيا، ورؤيا الأنبياء وحي، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح؛ لأنه قد يقول قائل: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فماذا عن الستة الأشهر الأولى؟ نقول: إنها هي وقت الرؤيا الصادقة، الصالحة، وجاءت بها النصوص، وبهذا يتجه قول من يوجه حديث: ((الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزاءً من النبوة)) لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عاش ثلاثاً وعشرين سنة بعد النبوة إلى وفاته -عليه الصلاة والسلام-، والرؤيا ستة أشهر يعني نصف سنة، فإذا نسبنا الستة الأشهر إلى الثلاث والعشرين، تطلع نسبتها واحد على ستة وأربعين، فهي جزء من ستة وأربعين جزاءً.
"ومنها ما يرجع إلى الأداء"، "ومنها ما يرجع إلى الأداء وهو ستة: الوقف والابتداء"، الوقف والابتداء يقول المؤلف -رحمه الله-: "يوقف على المتحرك بالسكون"، يوقف على المتحرك بالسكون، طيب، إذا كان ما قبل المتحرك ساكن، كيف نقف عليه بالسكون؟ مثل ما تقدم آنفاً: ﴿دَرَسْتَ﴾ [(١٠٥) سورة الأنعام] نجمع بين ساكنين؟ درسْتْ؟ ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ [(٦٤) سورة الكهف] ولذا يقول: "يوقف على المتحرك بالسكون".
الآن ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ ما الذي حذف الياء؟ ما الذي حذف الياء؟ نعم، إتباع الرسم، نعم، "ويزاد الإشمام في الضم والروم فيه، والكسر الأصليين" فيه والكسر إن صح العطف على المجرور بغير إعادة الجار "فيه وفي الكسر" نقول، أو: والكسر؟ ﴿الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ﴾ [(١) سورة النساء] إيش؟ والأرحامِ، قراءة، نعم؟
طالب:.......
إيه قراءة.
"ويزاد الإشمام في الضم"، يقول: "وهو الإشارة إلى الضمة بضم الشفتين بلا تصويت"، مثل هذا لا يمكن أن يتلقى بالكتابة، وهو فرع مما أشرنا إليه وأفضنا فيه في بداية الدرس، وهو تواتر الأداء.
"والروم" وهو النطق ببعض الحركة "فيه" أي في الضم الذي تقدم ذكره، "والكسر" معطوف على المجرور بـ(في) من غير إعادة الجار، وهو صحيح، وإن كان الأفصح عندهم إعادة الجار، وإذا ثبت قراءة الجر في قوله: ﴿وَالأَرْحَامَ﴾ [(١) سورة النساء] لا نستطيع أن نقول: الأفصح بل هو فصيح.
"واختلف في الهاء المرسومة تاءً" الهاء المرسومة تاء مثل إيش؟ نعم، ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ﴾ [(٢٣١) سورة البقرة] نعم؟
طالب: ﴿رَحْمَتَ﴾ [(٢١٨) سورة البقرة]
﴿رَحْمَتَ﴾، المقصود أن الهاء التي ترسم تاءً محل خلاف بين أهل العلم، هل يوقف عليها تبعاً لأصلها هاء أو يوقف عليها تبعاً لرسمها؟
مفهوم شرط: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾ [(٣) سورة النساء]، مفهومه أنكم إن تأكدتم من القدرة على العدل فانكحوا ما طاب لكم من النساء، هذا مفهوم الشرط، فيكون الجواز مرتبط بالشرط بتحقق الشرط، فإذا خفتم بمعنى أنه غلب على الظن أنكم لن تتمكنوا من العدل، نعم، والمسألة مسألة غلبة ظن وليس المراد اليقين، يعني ما نقول: إنه لا يعدد إلا من تيقن أنه سيعدل مع قوله -جل وعلا-: ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [(١٢٩) سورة النساء]، المسألة مسألة غلبة ظن.
وغاية: غاية، مفهوم الغاية، ﴿أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ﴾ [(١٨٧) سورة البقرة]، غاية الصيام إلى الليل، مفهومه أنه بعد حلول هذا الوقت بغروب الشمس لا صيام، إلى الليل يعني في الليل لا صيام هذا المفهوم، وجاء في الحديث: ((إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر من ها هنا فقد أفطر الصائم)) خلاص، الليل ليس محل للصيام؛ لأن الحكم معلق بغاية، معلق بغاية، هناك أحكام معلقة بغاية مرتبطة بآخر الزمان، نعم، فمثلاً قبول التوبة معلق بغاية قبول الجزية معلقة بغاية، لكن هذه الغاية في آخر الزمان.