يقول: "ستة: المتواتر والآحاد والشاذ"، المتواتر عرفناه، والآحاد: ما اختل فيه شرط من شروط التواتر، يدخل في ذلك الصحيح وغير الصحيح، لكن الإجماع قائم على أنه لا يحتج بغير الصحيح، والصحيح فيه خلاف كما سمعنا.
والشاذ: يقول: "الأول -وهو التواتر- ما نقله السبعة"، التواتر ما نقله السبعة، الأصل في التواتر: ما نقله جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب عن مثلهم، تحيل العادة توطئهم على الكذب كما أسلفنا، وهنا يقول: "الأول: ما نقله السبعة"، والمعروف أن السبعة معروفون: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، هؤلاء هم السبعة، يعني حصر ما تواتر من القراءات بقراءة هؤلاء السبعة، والتعريف كما يكون بالحد الجامع المانع يكون أيضاً بالتقسيم الحاصر، ولذا قال: "الأول -وهو المتواتر- ما نقله السبعة"، مفاده أن ما رواه أو ما نقله غير السبعة كالثلاثة مثلاً ليس بمتواتر.
عرفنا أن المتواتر عرفه بما نقله السبعة، لم يعرفه بحده الكاشف الجامع المانع المخرج على طريقة الحدود نعم، بالقيود المعروفة عند أهل العلم، وإنما عرفه بالأقسام المحصورة، يعني كأنه قال: المتواتر ما رواه فلان وفلان وفلان فقط، وبذلك عرف النبي -عليه الصلاة والسلام- الإسلام بأركانه الخمسة؛ لأنها محصورة، وعرف الإيمان بأركانه الستة، وهذا نوع معروف عند أهل العلم التعريف به.
المسألة طويلة الذيول، وبحثناها في مناسبات كثيرة، وهي مسجلة يعني استوعبت في بعض المناسبات شريط كامل، لكن الذي يترجح عندنا أنه في الوقتين الموسعين لا بأس أن يتنفل الإنسان، وإن جلس دون نفل فله في ذلك مندوحة، وعمل بنصوص صحيحة، وإن تنفل في هذين الوقتين الموسعين فلا بأس؛ لأن الوقتين الأمر فيهما أخف من الأوقات الثلاثة المغلظة، "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"، حتى قال الإمام أبو عمر بن عبد البر والحافظ ابن رجب -رحمهما الله تعالى-: أن النهي في والوقتين الموسعين من باب سد الذريعة لا لذاتهما؛ لئلا يسترسل الإنسان في الصلاة فيصلي في الأوقات المضيقة، وأثر عن بعض السلف أنهم يصلون يتنفلون بعد الصبح وبعد العصر، فدل على أن النهي في الوقتين الموسعين أخف من النهي في الأوقات المضيقة، وعلى هذا إذا دخل في الأوقات الثلاثة المضيقة لا يصلي، فإما أن يجلس والنصوص صحيحة صريحة في نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات، وإما أن يضل واقفاً والمدة يسيرة، أو يتحاشا الدخول في هذا الوقت ولا مانع، أما كونه كما يقول الظاهرية يضطجع ويخرج من الخلاف هذا جمود بلا شك.
أحسن الله إليكم: هذا سؤال من الإنترنت يقول: فضيلة الشيخ هل هناك ما يعيب كلمة الصوفية، إن ابتعدنا عن البدع الكثيرة التي دخلت الصوفية والتصوف؟ وجزاكم الله خيراً.
الصوفية يختلف في اشتقاقها ومأخذها، فمنهم من يقول: هي من الصفاء، والصفاء مطلوب، صفاء القلوب مطلوب في الشرع.


الصفحة التالية
Icon