كذا؟ أقول: جاء التحدي به كاملاً، وجاء التحدي بعشر سور، وجاء التحدي بسورة، لكن لم يأتِ التحدي بآية، لماذا؟ لأن من الآيات ما هو كلمة، مدهامتان، يعني هل يعجز البشر أن يقولوا: مدهامتان؟ هل يعجز البشر أن يقولوا: ثم نظر؟ نعم، ثم نظر ما يعجز البشر أن يقولوا: ثم نظر؛ لأنه لو تحداهم بآية قال واحد: ثم نظر، أو كلام قريب من هذا، أو جاء بكلمة مثناة مثل مدهامتان، لكن ومع ذلكم الآية معجزة في موضعها، لا تستطيع أن تشيل مدهامتان وتأتي بأي كلمة ترادفها تقوم مقامها، لكن بالنظر إليها مفردة لا تعجز، ولذا لم يحصل التحدي بها.
أما موضعها من الكلام وارتباطها بما قبلها وما بعدها معجز، فيظهر إعجازها بضمها إلى غيرها، بسورة منه، أقصر سورة في القرآن سورة الكوثر، وهي مكونة من ثلاث آيات، فالتحدي يحصل بثلاث آيات، هذا على القول بأن البسملة ليست بآية من هذه السورة ولا من غيرها، أو هي آية واحدة أنزلت للفصل بين السور وليست بآية من كل سورة سورة، والمسألة خلافية بين أهل العلم، وهم يجمعون على أنها آية أو بعض آية من سورة النمل، وأنها ليست بآية في أول براءة، ويختلفون فيما عدا ذلك.
فإذا قلنا -وهو قول الشافعي-: إن البسملة آية، قلنا: الكوثر أربع آيات، فلا يحصل التحدي إلا بأربع آيات، وإذا قلنا: ليست بآية هو قول الأكثر قلنا: يحصل التحدي بثلاث آيات يعني بقدر سورة الكوثر ولو آية واحدة، المقصود ألا تقل عن سورة.
"بسورة منه" للإعجاز بسورة منه، يخرج بذلك الكلام غير المعجز، ويزيد بعضهم: المتعبد بتلاوته، ولا يوجد كلام يتعبد بتلاوته بمجرد تلاوته ويرتب الأجر على مجرد القراءة سوى القرآن.
الحاكم يرى أن تفسير الصحابي، تفسير الصحابي له حكم الرفع، وَحَمَلَه.. ، حمل أهل العلم كلامه على سبب النزول، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وعدُّ ما فسره الصحابي... رفعاً فمحمول على الأسبابِ
ج... ج
يورد على حمله على الأسباب كونك تجد في الآية الواحدة أكثر من سبب، وقد يقول الصحابي: فنزل قوله تعالى، وإذا بحثت في الطرق الأخرى وجدت أن الآية نزلت قبل القصة، فمثلاً في الصحيح لما استشكل الصحابة الظلم "وأينا لم يظلم نفسه؟" لما نزل قوله -جل وعلا-: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾ [(٨٢) سورة الأنعام] بظلم: نكرة في سياق النفي فهي تعم جميع أنواع الظلم، استشكلوا، وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال: ((الظلم)).. ، فنزل قوله تعالى -نعم هذا المراد- فنزل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [(١٣) سورة لقمان] هذه رواية صحيحة، ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وفي رواية أخرى وهي صحيحة أيضاً: ((ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾؟، وهنا تفسير منه -عليه الصلاة والسلام- للظلم ببعض أفراده، تفسير للظلم ببعض أفراده، وتفسر العام ببعض أفراده لا يقتضي الحصر ولا القصر، فالآية يدخل فيها الشرك دخولاً أولياً، لتفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- الظلم به، ويدخل فيها أنواع الظلم الأخرى، النبي -عليه الصلاة والسلام- فسر القوة بالرمي، ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [(٦٠) سورة الأنفال] فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا إن القوة الرمي)) هل يعني هذا أننا لا نستعد إلا بالرمي؟ أو نستعد بجميع أنواع ما يعنينا على قتال العدو؟ يعني تفسير العام ببعض أفراده نعم يدل على الاهتمام بهذا الفرد والعناية به، لكن لا يعني قصر الحكم عليه، الأمثلة كثيرة، يعني تفسير المفلس نعم من يأتي بكذا وكذا، نعم المفلس له.. ،
المعلق يقول: "أي لأن المرفوع الصحيح السند أقوى منها" نفترض أنها بنفس السند، قراءة يثبتها صحابي يرفعها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بنفس الإسناد الذي روي به الخبر المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يثبت الصحابي أنه قراءة، فنقدم المرفوع من هذه الحيثية؛ لأننا إذا رددنا ما ثبت عن الصحابي على أساس أنه قرآن؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، نعم، هذا الخبر ضعف من هذه الحيثية، فإذا كان هناك خبر مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله -عليه الصلاة والسلام- خبر مرفوع مقبول صحيح فإنه يرجح عليه؛ لأنه لا خدش فيه.
شرط القرآن:
ثم قال: "وشرط القرآن صحة السند، وموافقة العربية، والخط"، شرط القرآن صحة السند، ننتبه يا الإخوان، الآن ما الذي تقرر عندنا من الخلاف فيما يثبت به القرآن؟ الخلاف عرفنا أن الأكثر على أنه لا بد من التواتر، أن يثبت بطريق قطعي ملزم، والقول الثاني وهو الذي نصره ابن الجزري وغيره أنه يكفي فيه الصحة، وهنا قال: "وشرط القرآن صحة السند، وموافقة العربية، والخط"، كأنه نعم، يوافق ابن الجزري في كلامه، يوافق ابن الجزري في كلامه، الآن في المقبول والمردود من القراءات نعود إلى الأول وهو ستة المتواتر والآحاد والشاذ، المتواتر والآحاد والشاذ، الصحيح الذي قرر في الأخير أنه شرط القرآن هل قبله في كلامه الأخير الأول؟ الآن في كلامه الأول ماذا يقول: "ولا يقرأ بغير الأول"، ولا يقرأ بغير الأول نعم، يعني الآحاد ولو صح ما يقرأ به، وهنا قال: "وشرط القرآن صحة السند، وموافقة العربية، والخط"، يعني كلامه الأخير يوافق كلامه الأول أو في اختلاف؟ فيه اختلاف.
"السابع: المجمل: وهو ما لم تتضح دلالته" ما لم تتضح دلالته، لفظ محتمل، لفظ محتمل، كالقرء ﴿ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ﴾ [(٢٢٨) سورة البقرة] القرء جاء في اللغة ما يدل على أنه يراد به الحيض، وجاء فيها ما يدل على أنه الطهر، وجاء في النص أيضاً في الحديث ما يدل على أنه الحيض ((دعي الصلاة أيام أقرائك)) يعني حيضك، وجاء ما يدل على أنه الطهر، لكن المرجح أن المراد به الحيض.
هذا مجمل، وكثير من النصوص جاء مجملاً بيانه بالسنة، الحج مجمل، بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله وفعله، الصلاة جاءت مجملة بينها النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله وقوله، وقال: ((خذوا عني مناسككم))، ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ففعله -عليه الصلاة والسلام- بيان لما أجمل في كتاب الله -عز وجل-.
المبين خلافه، المبين الذي اتضحت دلالته، المبين المراد به ما يقابل المجمل ما لم تتضح دلالته، فالمبين يكون ما اتضحت دلالته.
"السابع: المؤول: وهو ما ترك ظاهره لدليل"، ما ترك ظاهره لدليل، يعني عندنا نص وظاهر ومؤول، النص لا يحتمل، النص لا يحتمل، الظاهر يحتمل معنيين راجح ومرجوح، الراجح هو الظاهر، والمرجوح هو إيش؟ المؤول، والأصل أن العمل يكون بالراجح وإلا بالمرجوح؟ بالراجح، العمل يكون بالراجح.