لكن لو افترضت أن شخص له عناية بالقرآن وقرأ من التفاسير ما يؤهله لأن يرجح بين الأقوال وصار رأيه في فهم هذه الآية يختلف عن فهم ابن كثير، وابن جرير، والقرطبي وغيرهم من المفسرين، وجاء برأي تحتمله العربية والسياق يقتضيه أو يدل عليه ولو لم يوجد له سلفٌ بين، لكن هذا الشخص له عناية، له دراية ودربة في تفسير القرآن لأن فَهم النصوص يحتاج إلى دُربة؛ يعني الآن عندك أحاديث كثيرة إذا أردت شرحها وبيان معانيها يُعوِزُك إِعِواز شديد، يعني حديث في مسند أحمد ما شرح أبدًا أو في مُسند الطيالسي وما تحفظ له الشراح، وإنت ما تدري وش معناه، أنت يخفى عليك ليش ؟
لأنّك مالك عناية بالسنّة ولا قرأت في كتب السنّة؛ لكن الذي لديه خِبرة ودِرَاية وعناية، ويَعرِف كيف يَتصرف أهل العلم في فهم السنّة تكون لديه الملكة في شرح السنّة وقل مثل هذا في القرآن، شخص له عناية بالقرآن ويلُوح له من معنى الآية مالم يَلُوح لأكثر المُفسرين قبله :((رُبّ مُبلَغٍ أوعى من سامع))، هذا ينطبق عليه ولا يقول مثل من يقول بعضُ الكتاب: القرآن بالعربية وهم رجال ونحن رجال نفهم مثل ما يفهمون، نقول: ليس بصحيح، كيف تفهم وهم يَفهمون، أنت لو أن وَلَدك أُصيب بمرض وإحتاج إلى عملية فاحضرت السكين قالوا: مجنون هذا، ويش علاقتك بالطب؟
ونحن نقول: أنت مجنون لا علاقة لك بالتفسير، أما الشخص الذي له خِبرة ودُربه، الطبيب لو جاءهُ حالة ما مرّت عليه قبل ذلك، نقول له: لا، لا تتصرف!؛ لكنّه طبيب مشهود له بالخبرة وعانى من الحالات التي هي نظائر هذه الحالة، أو قريب منها لابد أن يتصرف.