…ولما كان التفسير أشرف العلوم على الإطلاق لأن موضوعه نصوص الوحي ومضامينه، ولأن الحاجة إليه متجددة، فهو عماد دنيانا وآخرتنا، لما كان التفسير كذلك، وقد دخله وابل من الشوائب في القرن العشرين لذا فإنني أطمح إلى أن أضم للتفسير دراسة تساهم في تحريره وتنخيله من الدخيل، وتنقيه وتصفيه من الشوائب لعلها تحسب عند الله – تعالى – نصيحة لكتابه العزيز.
…إن هذه الأمور مجتمعة أوجدت في نفسي الرغبة الملحة في إعداد هذا البحث والله المعين على هذه المهمة، وهو بحث شاق وشائك ولكنّه شيّق ورائق لأنه يرمي إلى استئصال ما وقر في بعض القلوب، بل ران عليها، واستقر في الأسماع، واستهوته بعض النفوس، واستعذبته بعض الألسن منذ قرن، وتناقلته الأجيال على أنه من الإسلام، وما هو من الإسلام في شيء.
الكتابات السابقة
…اعتاد الباحثون الجامعيون أن يشيروا لبعض الكتابات السابقة لإظهار الريادة لأبحاثهم، أو لسد ثغرة خلّفها من كتب قبلهم، أو اعترافاً بجميل من حازوا قصب السبق، وها أنا منخرط في سلكهم، فأقول:
…لما كان رب العزّة قد تعهد بحفظ كتابه المبين. وحفظه يعني: حفظ معانيه، وبيانه ولغته إلى جانب حفظ رسمه وترتيبه، فكان حتماً مقضياً أن أكون مسبوقاً بالفكرة على الأقل. فقد مسّ بعضهم الموضوع في ثنايا البحث عن مناهج واتجاهات التفسير، وتناول أحدهم بدع التفاسير عند بعض المفسرين كنماذج، وتطرق البعض إلى التفسيرات المنحرفة، أو المريضة، أو الخاطئة. وجعلها بعضهم اتجاهاً منحرفاً في التفسير، وبعضهم جعلها انحرافاً فحسب يؤجر صاحبه عليه لأنه اجتهاد رغم كثرته عندهم ورغم فظاعته. ومنهم من لامس الفكرة عند بحثه أثر الواقع الثقافي على التفسير أو عند بحث التيارات الفكرية الحديثة وأثرها في التفسير. ولكن بهذا الاسم "شوائب التفسير" لا أعلم أحداً كتب فيه، كما
لا أعلم أحداً خصص بحثه في الموضوع. وإليك أهم الدراسات الوثيقة الصلة السابقة لهذا البحث: