…وما فعله الدكتور الخطيب في سورة يونس كرره في سورة سبأ ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ﴾ (١). فقطع صدر الآية عن آخرها، وقطعها عن سابقها وعن لاحقها. ويبدو أن في ذهنه أفكاراً يريد أن يكسبها ثوب الشرعية فسخر تفسير القرآن لخدمة أفكاره وإن كانت النصوص لا تحتملها. فالآية تدعو القوم الظالمين لدراسة ما جاء نبيهم به، ويزعمون أن به جنّة، ونفى عنه ذلك حصر مهمته بالنذارة لهم من العذاب الشديد الذي ينتظرهم لتكذيبهم دعوة الرسل.
…وأما ما قاله الدكتور الخطيب في تفسير آية التوبة ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ (٢) فلا علاقة له بالتفسير لا من قريب ولا من بعيد، ولا علاقة لنظرية ديكارت بالشك في منطوق الآية ولا في مفهومها، فهي إخبار من الله - تعالى - لتيئيس المشركين في جهودهم لإطفاء نور الله بأقوالهم. فالآية أحرى أن تعد رداً على الشوائب التي أتى بها للتفسير من أن تدعو للشك في العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام. ثم إنه جاء بحكم "الإسلام يقبل نظرية ديكارت في غبطة ورضا" ولم يأت عليه بدليل فلا يعتد به. وأخيراً جعل الإنسان لا يستند إلى الأديان بل يستند إلى ذاته. وفي هذا إضلال نسأل الله أن يعفينا منه.
…وفي نهاية المطاف لا يسعني إلا أن أقول إن الدعوة للعقل الحر فكرة مستوردة من أعدائنا، ولها جذور عند الفلاسفة اليونان وتسربت إلى المعتزلة والشيعة والمدرسة العقلية فهي من الشوائب في التفسير في القرن الرابع عشر الهجري.
(٢) سورة التوبة، من الآية ٣٣.