٣- وقال الشيخ محمد رشيد رضا: "قال الأستاذ: إن التقريب بين الأديان مما جاء به الدين الإسلامي"(١) وتلا قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾ (٢). وقال: "سواء بين الفريقين أي عدل ووسط لا يرجح فيه طرف على طرف"(٣).
يرى الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا أن البابية والبهائية والقاديانية والماسونية والنصرانية واليهودية والإسلام أديان يدعو الإسلام للتقريب بينها. فأطلق على العقائد البشرية أدياناً مع أن مصطلح دين يتبادر الذهن إليه إذا كان من الله –تعالى-.
قلب الشيخان مفهوم الآية فهي في معرض التحدّي والمفاصلة. ونسيا سبب نزول الآيات، وفصلا الآيات السابقة واللاحقة عن بعضها، كما فصلا صدر الآية عن آخرها. ابتدأت الآيات بمثل عيسى عند الله، ثم جاءت آية المباهلة، وهي بحق النصارى. ثم توجهت الآيات بمخاطبة يهود ومجادلتها في إبراهيم وردت عليهم(٤).
…وقد قعّد الشيخ رشيد قاعدة في الاتفاق بين الملل وصفها بالذهبية. وهي "ننفذ ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه". وقال: "ومن رأينا في هذا التأليف أن يتفق المتعاونون عليه والساعون إليه على أن ينتقد كل منهم أهل الدين أو المذهب الذي ينتسب إليه فيما ينافي هذا التأليف دون المخالفين له إلا أن يضطر إلى انتقاد المخالفين اضطراراً فحينئذ ينتقد مع التلطف"(٥).

(١) ١/٩٣٦، تاريخ الأستاذ الإمام محمد رشيد رضا، وقد عرض هذا القول عند الحديث عن البابية والبهائية والقاديانية ومقارنتها بالماسونية، أي أن الإسلام يقرب بينه وبين هذه العقائد ظاهرة الكفر والبطلان، تعالى الإسلام عن ذلك علواً كبيراً.
(٢) تفسير آل عمران، من الآية ٦٤.
(٣) تفسير المنار، ٣/٣٢٥.
(٤) سورة آل عمران، الآيات ٥٩-٧٠.
(٥) م١، ١/١٢، فاتحة السنة الأولى، مجلة المنار، وانظر م١٣، ٤/٣١٢، وانظر م١٦، ص٢٨٥.


الصفحة التالية
Icon