﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ (النجم: ٤).
…وأما القول السابع فأوله جزم بدون دليل وهو النسيان والتضييع. وأوسطه معارض لقوله تعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (النحل: من الآية ٤٤). وآخره تحريف لمعنى الدين حيث يعتقده بالمعنى النصراني وهو العبادات فقط. وجريمة إلغاء للسنة القولية لأنها مزيد هداية وبيان، فالقرآن والسنة العملية يسدان مسدّها حسب زعمه.
…وأما القول الثامن فهو جريمة فصلت السنة القولية عن الرسول - ﷺ - وألحقتها بأفهام المخاطبين وفيه هدم للسنة القولية كلها.
…وأما القول التاسع والأخير فهو خليط. فنوافقه إذا كان المقصود بما صحّ من الحديث (قولاً أو فعلاً) حسب قواعد الحديث المعتبرة، وأما أن لا يجعل مثار خلاف ففيه المتواتر وخبر الآحاد. ولا يجوز أن يكون المتواتر من المخير فيه لا في العقائد ولا في الأحكام. وخبر الواحد لا يجوز أن يخيّر فيه في الأحكام لأنه يوجب العمل. وأما ترك الصحابة والتابعين له فهي دعوى بدون دليل فترد. وزعمه لو عملوا به لكان ثابتاً بالعمل، فالشيخ رشيد ردّ أحاديث قالها الصحابة وطبقوها عملياً ووردت في الصحاح كما سيأتي بعد قليل.
…مما سبق نرى أن محمد عبده ومحمد رشيد رضا ينظران للسنة النبوية بأنها فضل زائد. وبالتالي سيؤدي ذلك إلى هدم الإسلام بالكامل لأن فصل الحديث عن القرآن هذا مآله.
نماذج من الأحاديث التي ردها أصحاب تفسير المنار:
- أولاً: حديث روته عائشة – رضي الله عنها-: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحرّمن، ثم نسخن بخمس معلومات يُحرّمن. فتوفي النبي - ﷺ - وهي مما يقرأ من القرآن) رواه مسلم(١).
…طريقتهم في رد رواية الحديث:

(١) ٤/٢٧١، تفسير المنار. وقال: "والحديث رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة".


الصفحة التالية
Icon