مناقشة أصحاب المنار في رد هذا الحديث:
النظر الذي زعمه الشيخ رشيد فصّله بعد صفحتين، ومن فمه ندينه، فقد روى الحديث على حد قوله ثلاثة من الصحابة وهذا من دواعي البحث في التواتر وليس من دواعي رد الحديث.
وأما ما قاله عن سند الثاني (أبي أمامة) فقد ردّ على نفسه فإسماعيل بن عياش حمصي من بلاد الشام وقد رواه عن شرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة(١). وقد اعترف أصحاب المنار بأن سبب تحسين الترمذي له أنَّ هذا الحديث مروي عن الشاميين.
وحديث ابن عباس كذلك، فقد روي عن عطاء بن أبي رباح وليس عن الخراساني فيعتد به، وقد أخرج نحوه البخاري من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس موقوفاً. قال الحافظ: "إلا أنه في تفسير وأخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن فيكون في حكم المرفوع"(٢).
وأما رواية عمرو بن خارجة فقد اعترف بصحتها ولكنه ردّها لأن الترمذي من المتساهلين في التصحيح وهذا قول من لا محصّل عنده. فالحديث رواه الخمسة إلا أبا داود. وقال الشوكاني: "أخرجه الدارقطني والبيهقي". وقد روى الحديث صحابي آخر هو أبو أمامة بالسماع أيضاً. وقد رواه الخمسة إلا النسائي. وقد حسنه الترمذي والحافظ. والحديث روي في حجة الوداع كما صرح بعض رواة الحديث.

(١) انظر ٦/٤٠، نيل الأوطار للشوكاني، المكتبة التوفيقية، القاهرة، وانظر تاريخ بغداد، ١٣/٣٩٤.
(٢) ٦/٤٠، نيل الأوطار للشوكاني.


الصفحة التالية
Icon